يقال إن بلادنا من أوائل الدول العربية التي أدخلت الشبكة العالمية المعلوماتية “الانترنت” .. لكن لا ندري لماذا سرعان ما يصيبنا الوهن وتفتر العزائم ونظل نراوح مكاننا, بينما المتأخرون عنا يومذاك نجدهم يسبقوننا اليوم .. فبعض الدول العربية قد تجاوزت بالانترنت من مستوى السلعة والاحتكار إلى مستوى الخدمة المشاعة التي قلما يخلو من وجودها بيت أو متجر أو مؤسسة لاسيما في المدارس والجامعات والمعاهد الني هي أحوج المؤسسات لوجود هذه الخدمة من أجل مواكبة كل جديد في مختلف المجالات العلمية النظرية والتطبيقية..أما نحن فإننا إلى الآن لم نستطع جمهرة هذه الخدمة لتعم كل بيت وكل مدرسة وكل مؤسسة ، إذ إنها لا تزال محصورة في المقاهي والمركز الربحية ، وهذا يؤكد أن هناك خللاً في تسويقنا لهذه الخدمة المعرفية التي أصبحت اليوم مكوناً من مكونات الحياة العصرية في زمن العولمة وأصبح افتقادها يعني الانعزالية والانغلاق على الذات الذي يكرس حالة “التقوقع” والانكماش والجمود. وبرغم محدودية وجود هذه الخدمة إلا أن مستوى أدائها لا يزال مليئاً بالكثير من العيوب التي تحول دون أن يغدو “ الانترنت “ إحدى وسائل المعرفة التي تسهم في إنهاض الواقع التعليمي المدرسي والجامعي .. فالبطء والتقطع والحجب العشوائي للمواقع كلها أدواء برائحة “الاحتكار” تبعث القرف في نفوس المتصفحين وتثير استياءهم ، فالكثيرون يشكون من ضياع الوقت في غالب الأحيان أمام خدمة لا ترقى لأن تمكنك من الاحتفاظ لنفسك بالمعارف المعروضة كالكتب الالكترونية والموسوعات العلمية والبرامج متعددة الاهتمامات .. فخدمة “الانترنت” عندنا كثيراً ما تصعف أمام هذه المرامي والغايات وإذا ما جاء الإصرار على تنزيل بعض الملفات فإنه يقود حتماً إلى انقطاع الخط وإن لم يحدث ذلك في حالة استجابة هذا الخط فإن عملية التحميل تستغرق وقتاً طويلاً قد يصل إلى ساعات وربما جاوز ذلك حدود اليوم والليلة وهذا ما لن يتحقق في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء وعدم قدرة الحواسيب على مناوبة التشغيل طيلة هذه الفترة. وللمشغل الأوحد “يمن نت” دورها المشكور في حجب المواقع اللاأخلاقية لكن ما يثير التساؤل هو امتداد الحجب في بعض الحالات إلى مواقع لا علاقة لها بالنشر الإلكتروني المحظور ، إذ لا ينفع الحجب مع مواقع عالمية تحتفظ أرشيفاتها بالآلاف من الكتب العلمية النادرة والحديثة في شتى العلوم والمعارف وبأكثر من لغة. أما تعرفة هذه الخدمة فإنها قضية تحتاج إلى إعادة نظر؛ لأن ماهو حاصل لا يثبت إلا أننا غير جادين في قضية اللحاق بركب التطور العلمي والمعرفي بقدر رغبتنا الملحّة في تسليع كل شيء واحتكاره مثلما هو الشأن في كثير من الاحتياجات الرئيسية للمواطن. إن كثيرأ من دول العالم تسير اليوم باتجاه تحويل الانترنت إلى خدمة مجانية 100 % وقد نجحت في ذلك بعض دول العالم الأول .. ونحن لا نطالب بالوصول إلى هذا المستوى وحسبنا أن تتوفر هذه الخدمة بمستوى متطور مقابل مبالغ لا نقول “رمزية” وإنما معقولة يستطيع سدادها الموطن والعامل ومن لف لفّهما من أصحاب الدخل المحدود .. أو من لا دخل لهم كالطلاب الذين هم أحق الناس بها. ولنأخذ مثالاً الشقيقة مصر فإنها بادرت إلى وضع نقاط مجانية لا سلكية تمكن الناس في المنتديات وما حولها وبعض الأماكن الأخرى من التصفح المجاني الذي لا يتبعه منّ ولا أذى. أما في شقيقة أخرى كالسعودية فإن الانترنت فيها خدمة ميسرة ورخيصة التكلفة إلى جانب أن جامعاتها توفر لطلابها فرص التصفح والتنزيل المجاني .. لكن في بلادنا لا ندري ما سر تشغيل “الانترنت” بأنظمة تشغيلية احتكارية كالتشغيل بنظام الساعات او بنظام الجيجا أو بنظام الأجر المقطوع فكلها تقييد وتضييق قد تجاوزه الزمن وأصبح من يتشيعون له عقولاً أدمنت العزلة والتعامل ب “الوقيّة”. أثق تمام الثقة بأن الأسر بحاجة إلى قرار يستلهم حاجة الجموع الوطنية لتعميق علاقتها بالتقنية الالكترونية وكذا ما يفرضه واقعنا التعليمي من سير نحو التجارب الأخرى والاتصال بها عبر هذه الشبكة المعلوماتية لمعرفة أين نحن وإلى أين نسير. [email protected]