لم يكن تجديد الدعوة لمواصلة الحوار من باب الترف، بل لأن الحكمة أساس ذلك، وليس عيباً تكرار الدعوة لذلك مطلقاً، وعلى الذين يزايدون أن يدركوا أن كل الأعذار التي يتقولونها ويزايدون بها قد قطع الطريق عليها وتجاوزتها الحكمة والإيمان اليماني، ولم يعد أمامهم غير المبادرة إلى الحوار إن كانوا صادقين، والعمل على طرح ما لديهم على طاولة الحوار الشفاف والمعلن، وأن يغلقوا باب الفتنة والتخريب والتدمير, وأن يبرهنوا من خلال الحوار على جديتهم وتغليبهم المصالح العليا للبلاد والعباد، وأن يكفّوا عن الأنانية الذاتية والضيقة، وأن يفكروا بعقل الوطن كله، من أجل المستقبل بعيداً عن المزايدات والمناكفات التي سئم الشعب منها وبات يدرك أهدافها العدوانية على مقدّرات الشعب وسلامه وأمنه الاجتماعي. إن العودة إلى طاولة الحوار فرصة لطرح القضايا ومناقشة الهموم والتطلعات المستقبلية، وطريق سليم لاستعادة الثقة وباب واسع لتحقيق الخير العام ودرء للمفاسد وحقن للدماء وصون للكرامة ومنع للحاقدين على الثورة والوحدة من تحقيق أطماعهم التخريبية والتدميرية خدمة للعدو الخارجي الذي يدبر المكايد والمؤامرات على وحدة شعبنا اليمني وأمتنا العربية والإسلامية. ولذلك على أصحاب الفكر المستنير الذين ضحّوا في السابق من أجل اليمن أن يجددوا تضحياتهم من أجل الأمن والسلم الاجتماعي ومستقبل الأجيال, وأن يكون صوتهم هو الأقوى. وأنا على يقين أن الذين يجعلون الوطن على رأس الأولويات أن صوتهم ورأيهم هو المقبول، وهو يمثل ضمير الشعب وصوته وعقله وحكمته وإيمانه ونبله ووفاءه، وهو الذي يحظى بالرضا والقبول لدى كافة الجماهير. أما الذين يقبعون خلف الأوهام والأحقاد والرغبة في الانتقام أو المشاريع الوهمية أو الأجندة الخارجية، فإنهم منبوذون ولا يقبلهم الشعب مهما طرحوا من معسول الكلام، أو رفعوا من شعارات وتستروا خلفها، ولا يكشف سوء نواياهم إلا المزيد من الحوار الذي يعرّيهم ويفضح أحقادهم وأحلامهم العدوانية على الشعب وثورته ووحدته ومقدّراته وأمنه واستقراره. إن تجديد الدعوة للعودة إلى طاولة الحوار أمر بالغ الأهمية, لأنه دون شك سوف يسقط ما تبقى من الأقنعة التي تخفي وجوه الحقد والكيد والمكر السياسي، وسيوضح صدق الفعل الوطني المنحاز إلى السيادة الشعبية والإدارة الكلية للجماهير التواقة إلى الغد المشرق الذي تكتمل فيه الآمال والطموحات المشروعة بعيداً عن إشعال الفتن وتأزيم الحياة السياسية، الغد الذي نصنع فيه التغيير بالطرق الدستورية الديمقراطية عبر الانتخابات الحرة وليس عبر التثوير والتدمير أو المشاريع العدوانية التي تستهدف الوحدة الوطنية. ونأمل أن يتحقق الفعل الوطني الجاد بإذن الله.