لا جدال أن المرحلة القادمة ستكون على غير ما تعوّد عليه السائرون في جمع الثروات على حساب القانون والوظيفة العامة, وأنهم إن لم يبدأوا بأنفسهم ومن ذات أنفسهم فسيجرفهم تيار التغيير إلى حيث لا يستطيع أحد إنقاذهم. ونحن نقول هذا ولأول مرة من الوضوح والثقة بحتمية الإصلاحات الإدارية والاقتصادية التي ستأخذ من طريقها كل المعوقات, وستجعل القاضي الذي يسيء إلى سمعة القضاء ويتحول إلى شخص آخر فيه القسوة والطمع والجهالة وانعدام الضمير, ويضع تحت عمامته آفات الطمع فلا يفرّق بين الحق والباطل, ويعمل بوحي الشريعة التي تأخذ العدالة فيها مجراها, ولا فرق بين غني وفقير, أو بين مسؤول يلبس الأبيض أو يرتدي الأغبر وفوق رؤوسهم العمائم والبريهات, أو تتوسط خواصرهم الجنابي الثمينة المحاطة بالمسدسات وتلفونات السيار, وتعلو فوق أكتافهم الأسلحة النارية الآلية من أحدث طراز, ستجعلهم قضاة لا يجاملون مسؤولاً أو جهة من أجل مصالحهم المتبادلة معهم أو معها لإلحاق الظلم بأصحاب الحق, فيندهش ويستغرب مواقفهم ومعاملتهم المختلفة التي لا تليق نحو الطرف الذي لم يجد إلا الدعاء إلى الله بأن ينصفه من ذلك القاضي الغريب والذي بدلاً من أن يخاف دعوة المظلوم ذاك ضحك عدة ضحكات وكأنه يقول له: “ادع ما شئت ولا تعد إليّ مرة أخرى”!!. وتبقى الإساءة إلى الوظيفة والمسؤولية مدنية أو عسكرية أو أمنية بتفرعاتها المعروفة من العوامل التي تعجّل بنهاية الفاسد طال الزمان أو قصر, لأن الله لا يهمل إذا افترضنا عجزاً قانونياً وشرعياً وأخلاقياً لا يدري أحد من الناس العاديين معرفة سببه أو دائه العضال الذي أدى إلى استقواء الفاسدين ببعضهم البعض وخروجهم من القضايا التي لا ترد صحتها كما تخرج الشعرة من العجين كما يقال. إن رياح التغيير قادمة وبسرعة الإعصار كما نراها أو نتوقعها, وإن حامت الشكوك لدى الكثيرين من قدرتها على اقتلاع القامات المشهورة بالالتفاف على ما سبق من هذه الإصلاحات وتمييع إن لم يكن إخفاء الملفات وسرقة القرارات بمعاقبتهم وفصلهم واستعادة ما أخذ, مع علمنا أن هيئة مكافحة الفساد قد قدمت عدداً منهم إلى التحقيق والمحاكم, وتابعت تنفيذ الأحكام كما صرّح بذلك بعض المسؤولين في الهيئة إلى أن أجبر بعضهم على إعادة عدة ملايين إلى خزينة الدولة وإن لم تشر إلى أسمائهم وصفاتهم.