لو كان "النقد الذاتي" حاسة سادسة لدى الأفراد والشعوب والحكومات العربية لما وصل الحال بنا إلى عقد "توأمة" مع الاستبداد السياسي والمجتمعي، ولما وقعنا في حالة "تلاصق" مع الفساد حتى صار يعرف بنا ونعرف به. - أرقى أنواع التفكير هو "التفكير في الذات".. الوعي الذاتي الذي يعقبه النقد الذاتي سواءَ كانت ذاتاَ جماعية أو فردية.. فكرية أو سياسية أو اقتصادية.. إلخ، لكننا - للأسف – اعتبرنا التعبير عن هذا الوعي الذاتي جريمة .. خيانة.. علامة لعدم الولاء.. فصار مسموحاً لك أن تنتقد "الغير" وتلقي باللائمة والأخطاء على كل الجماعات إلا جماعتك, كل الأحزاب إلا حزبك, كل المدراء إلا مديرك المباشر, كل الأنظمة إلا نظام بلادك... - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. “النفس اللوامة “.. محاسبة النفس والتوبة.. مصطلحات دينية تحمل بعض دلالاتها اليوم الصحافة والإعلام الحر والمهني , منظمات المجتمع المدني, أجهزة الرقابة والمحاسبة.. وهي وسائل عملية لممارسة النقد الذاتي الذي هو الخطوة الأولى للتصحيح الذاتي. - “أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا؟ قل هو من عند أنفسكم “ إذاً ليس من عند اليهود أو المنافقين في المدينة أو ال CIA ! أو بسبب أية تهديدات ومؤامرات خارجية.. فالآية تقرر أن كل مصيبة تحل بفرد أو جماعة أو حزب أو مجتمع أو دولة سببها الرئيس هو “الذات” وليس “ الغير “ وبالتالي فإن “ النقد الذاتي “ أولاً بأول يعد صمام أمان ضد التحلل والانهيار. - “ ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد “ “لتكونن من المسجونين “ “ أخرجوا آل لوط من قريتكم.. “ ومثله التعامل مع كل مع كل من يمارس عملية “ النقد الذاتي “ على كافة المستويات بالتهميش والنبذ وكيل الاتهامات...إلخ. يعد أخطر أنواع الاستبداد ولن يكون مصير ممارسيه سوى مصير فرعون سابقاً أو نظامي تونس ومصر لاحقاً ! - “اختلال الأوضاع يؤدي إلى احتلال الأوطان” وبالتالي ( فإن الله لا يساعد الذين لا يساعدون أنفسهم ) ومساعدة النفس لن تتم سوى بالتوجه أولاًَ نحوالداخل– الذات – فهي تتحمل كافة المسؤوليات والأوضاع التي صارت إليه. - قمع كل معارض ومجافاة كل ناقد وتهميش كل مفكر ومنظر هو محاولة لإطفاء الشم، وكسر المصابيح وتعميم الظلام.. ونقد الذات ومراجعتها باستمرار هو الفجر المتألق الذي بدلاً من الاحتفاء به ومنهجته ومأسسته خنقناه بأيدينا ولم نسمح له بالحياة فضلاً عن التمدد والانتشار... عجبي!. ودمتم بخير.