أن يكون عندك جوال، أو محمول أو حساب على الفيس بوك، ذلك لا يعني بأنك تتمتع بهوية حقيقية في ظل هذا الانفجار الكوني والمعلوماتي والتدفق المرئي الذي يعيشنا أكثر مما نعيشه، فإننا بالكاد نشعر بآدميتنا المشظاة..ووطنيتنا المتشرذمة..وهويتنا المسفوحة في مهب التلاشي.. ^.. هويتنا الإنسانية التي تمخضت يوماً من رحم الأصالة، لكنها ما لبثت أن تحللت كجثة في عصر الوضاعة الوجودية والتفسخ القيمي..! ^.. ثمة ضرورة مُلحّة لمحاكاة العالم من حولنا..يتأتى ذلك عبر صياغة قوالب فنية غنائية او دراميةٍ أو فكرية وإنفاق محاولات جادة في تعليب موروثنا الزاخر بشتى فنون الحياة..ليتسنى لنا تصدير ثقافتنا..والترويج لها بما تتيحه لنا خيارات التواصل الالكتروني..بدلاً من المباهاة بالعنف القبلي والجهوي والسلطوي ..والمغالاة بالتطرف المذهبي والديني السائد وتزييف وعي الإنسان وتضليل قناعاته بإشاعة مواعظ النشاز واستدعاء الأيام الخوالي وجرجرة أحلام القطيع للوراء..!! فلنكف عن استمرارية التجاهل المفضوح فجميعنا متواطئون في إبقاء صورتنا النمطية قاتمة..مشوهةَ وسطحيةَ في ذهن المجتمع الغربي الذي يرمقنا بدونية وكأننا من سلالة النمطيين والبدائيين مازلنا مغبرين ومقبورين في عصر ما قبل الطماطم. ^..وكيما تصاب هويتنا بلوثة الانمحاء والتقشف الحضاري..ويخفت وهج حضورنا المرئي من بلورة القرية الكونية ..,.لا يسعنا حيال ثورة الإقصاء , وفريضة العولمة التي أرست مبادءها الرأسمالية كدينِ للبقاء..وسخرت أداة التكنولوجيا للتصفية الجسدية والأيديولوجية..وشطب الإرث المعرفي والإبداعي، ومحو أشكال التعصب العرقي والعنصري ..!! ^.. أمام هذا التآكل والتشرذم..لا نملك سوى أن نبلور إرادة حقيقية لمجابهة كل خطرِ محدق..وكشف كل مكيدة متربصة بنا، ومجاراة كل ما هو حداثي وسوريالي وتنويري, واستقراء ميتافيزيقيا المستقبل الماورائي.. سبيلاً لاستلهام معطياته وتداعياته بطريقة تحليلية وتفكيكية على طريقة (جاك دريدا) ومحاولة زعزعة الأساسات الفلسفية للحضارات وإحلال النقائض واليقينات، واستنهاض الممكن واللاممكن وصياغة مبادىء قيمية ذات خصوصية تنم عن وعي ما بعد حداثي، وفكرِ حدسي دائم التوهج...!! ^.. الضحالة والجهالة والبطالة..تلك عناوين تخلفنا الأبرز، وانحطاطنا الناتئ، وسر كبتنا الزمني الغابر المتوارث فينا ما حيينا.. لكي نتجاوزها ونقضي عليها نهائياً. يجب أن نذوب بكل ما تحمله عروقنا من فن لغة وعادات وسلوك ودين وإرث فكري وتاريخي وثقافي وحضاري في نسيج هوية وطنية قومية واحدة .. يستعصي على أي كان اختراقها مهما تكن قدراته وإغواءاته السحرية..لعلنا نتمكن خلالها من محاكاة العالم، بإتكيت واعِ، وروح متوثبةِ، تستشرف إشراقات مستقبلِ نهضويِ واعد..!! ^.. كما يلزمنا أيضا تغذية وعينا..بمبادىء عقائدية مضادة لكل الضلالات الفكرية المحيطة ..أو الفتن الالكترونية والفيسبوكية..أو الإناخة لتراشق الإغراءات التكنولوجية الماكرة التي تنوي اجترار مشاعرنا بالاتجاهات الخطأ، راسمةً لنا وجهات قسرية للتخبط..وزنازين (جوانتنامية) لمواكبة جرعات الموت البطيء..وغابات وحشية للتطرف المفتعل..نربي فيها مخالبنا وأنيابنا لكي نتآكل ونأكل بعضنا , لعلنا نتعلم منها فن افتراس الآخر..! [email protected]