لا أريدُ أن أكون متشائماً إلى الحد الذي يوحي بأن الأبواب قد أوصدت بوجه السياسيين في بلدنا حتى يتوصلوا إلى حل للأزمة الراهنة، فلا تزال الآمال معقودة بعد الله سبحانه وتعالى على كل العقلاء والخيرين الصادقين والمحبين لهذا الوطن لدحر هذه المؤامرة القذرة وإرجاع الأمور إلى نصابها، إلا أن اللغة التصعيدية من قبل بعض الدخلاء على السياسة ومتصيدي الفرص ودعاة الفتنة وإعلام التخريب والمتشنجين، بالإضافة إلى التطرف في المواقف والقفز نحو المجهول، كل ذلك يجعل الإنسان يشعرُ بالقلق على مستقبل بلده، لاسيما وأن هناك من يُغلِّب لغة العنف والفوضى على لغة العقل والحوار، وأسلوب الانقلاب على الاحتكام للدستور وصناديق الاقتراع. كيف لنا ألاّ نقلق ونحن نرى أناساً من خارج الحدود وهم يدعون للفتنة والانقضاض على النظام دون النظر إلى عواقب الأمور، ودون معرفة بالتركيبة الاجتماعية لليمن، المهم أن لديهم ثأراً سابقاً مع النظام لذلك أسقطوا حرمة الدم اليمني وأحلوا الاقتتال بين أبناء هذا الشعب. قبل أيام قرأتُ مقابلةً صحفيةً مع الشيخ حمود هاشم الذارحي عضو الهيئة العليا لتجمع الإصلاح فشعرتُ أن الدنيا لا تزال بخير مادام فيها مثل هؤلاء العقلاء الذين يعرفون الحقَّ لهم وعليهم، وتمنيت ولا أزال أن تجتمع هذه الأصوات لإقناع التيارات الأخرى التي لا تؤمن إلا بنفسها ومواقفها وتتجاهل إرادة الآخرين مهما كان حجمها، بل وتعمد إلى مصادرتها بطريقة ديكتاتورية ولَّى زمنُها . فشكراً لك يا شيخ حمود الذارحي وأتمنى أن تظل ثابتاً على مواقفك، فاستئصالُ الفاسدين مطلبُنا جميعاً والاحتكام للصناديق والحفاظ على الثوابت وإصلاح المؤسسات أيضاً. لن ندسَّ رؤوسنا في التراب وننكر أن لدينا فساداً يزكم الأنوف ومسؤولين لا يستحقون حتى نيل شرف هذا اللقب، ولا ننكر أيضاً أن مؤسساتنا بحاجة إلى إصلاحات كبيرة وبعضها جذرية، لكن في المقابل لا نريد أن نعالج الرمد بالأسيد. وطني، لك الله والعقلاء المحبون لك والحريصون على مستقبلك، أما السياسيون فغالبيتهم يعيشون في غيبوبة أفقدتهم وعيهم ونسوا أن الله سيسألهم عن كل قطرة دم تُسال، وطفلٍ يُخوّف، وامرأةٍ تُرمَّل، وممتلكات تُنهب. تساؤلات: إلى متى ستظل بعضُ الوسائل الإعلامية تحاول إقناعنا بالحياد والموضوعية والرأي والرأي الآخر، وهي تكذب “عيني عينك” وتهّولُ بصورة لا تنطلي حتى على الأطفال، وتروج لجهة على حساب أخرى، وتشكك في ديمقراطيتنا بينما هي تعيش تحت طائلة تكميم الأفواه ومصادرة الحريات وتتاجر بالقضايا القومية والمصيرية؟ لقد خدعتمونا كثيراً وها هي الأيام كفيلة بتعريتكم ونشر غسيلكم أمام العالم، فمهما تسترتم لن تستطيعوا حجب الشمس بجلابيبكم المثقوبة، ولا بد أن تتيقنوا أن لعنات دماء وجرحى وأيتام وأرامل وثكالى وفقراء اليمن ستلاحقكم إلى يوم الدين. [email protected]