المياه هي العنوان الكبير الذي يفرض نفسه على كل المناقشات المتعلقة بتغير المناخ باعتبارها العنصر الرئيسي لقيام الحياة واستدامتها .. وإلى جانب ذلك فإن معظم الآثار السلبية التي ستمس مياه البشر نتيجة لتغير المناخ ترتبط بالمياه كموجات الجفاف والسيول والفيضانات والعواصف والأعاصير وذوبان الثلوج وارتفاع مستوى البحار والمحيطات. ومن المؤكد أن يؤدي تغير المناخ إلى تغييرات دراماتيكية واسعة في انماط الزراعة ومياه المزارعين وفي توفر امدادات الغذاء وكالعادة سيكون فقراء المزارعين وسكان المدن هم الأكثر تأثراً سواء على المستوى العالمي أو على مستوى كل بلد على حدة بين مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية وسيواجه المزارعون على نحو خاص نتيجة لتغير المناخ تصاعداً في عدم القدرة على التنبؤ بحالة امدادات المياه وفي تقلب هذه الامدادات وكذلك التزايد المتسارع في توافر حدوث موجات الجفاف والفيضانات. وذكر الكاتب أحمد الشربيني في مقال له في مجلة العربي الكويتية ديسمبر 2008م بقوله: وأشارت وثائق قمة روما المؤتمر الرفيع المستوى المعني بالأمن الغذائي العالمي وتحديات تغير المناخ والطاقة الحيوية التي نظمتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في العاصمة الايطالية في يونيو الماضي إلى أن هذه الآثار ستتباين إلى حد كبير من مكان إلى آخر حيث يتوقع الباحثون على حد تعبير الكاتب الشربيني أن يكون ارتفاع درجات الحرارة مفيداً للزارعة في مناطق شمال خط الاستواء بينما ستواجه أجزاء كبيرة من المناطق الاستوائية الجافة وشبه الجافة تناقصاً مطرداً في تساقط الأمطار وجريان المياه ما يعد اتجاهاً ينذر بالشئوم لدى البلدان الواقعة هناك خصوصاً وأن غالبيتها تعاني انعدام الأمن الغذائي. وأكد الكاتب الأستاذ أحمد الشربيني في سياق مقاله القيّم: تعد إدارة المياه امراً أساسياً لصيانة استقرار الإنتاج العالمي من الأغذية لأن الوصول المستدام إلى المياه يزيد من الغلال الزراعية ويقدم امدادات مستقرة لكثير من المنتجات الزراعية الرئيسيية, كما يقدم دخلاً أعلى في مناطق الريف التي تؤوي ثلاثة أرباع السكان الجوعى في العالم وما لم تتوفر إدارة مستدامة للمياه في مناطق أحواض الأنهار والبحيرات والطبقات المائية الصخرية الجوفية المتصلة بها سيكون الأمن الغذائي على الصعيد المحلي والقطري والعالمي على حد قوله عرضة للخطر ويعد الجفاف أكبر سبب طبيعي لحالات نقص الأغذية الشديدة في البلدان النامية وتعد الفيضانات سبباً رئيسياً آخر لحالات الطوارئ الغذائية .. مشيراً إلى أنه كلما زاد تغير المناخ من تقلب تساقط الأمطار وتكرر وقوع الاحداث القاسية الناجمة عن الطقس زادت اعاقته للأمن الغذائي. وتوقع الأستاد أحمد الشربيني أن تؤدي التغييرات التي ستحدث في تساقط الأمطار وتبخر المياه من التربة إلى تخفيض جريان المياه بحلول العام 2080م في بعض المناطق من العالم مثل الشرق الأوسط وامريكا الوسطى وشمال البرازيل والحافة الغربية للصحراء الكبرى وافريقيا الجنوبية وفي المقابل سيزداد الجريان في شمال اوروبا وشمالي الصين وافريقيا الشرقية والهند وهذا حسب تعبيره أمر ضروري للري وصيانة خدمات النظم الايكولوجية وسيكون أكثر القطاعات تضرراً هو قطاع الزراعة المطرية التي تغطية 96 في المائة من مجموعة الأراضي المزروعة في افريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. وخلص الكاتب الشربيني في مقاله إلى أن هناك خمس استجابات ضرورية في مجال السياسات كإدخال تدابير التكيف وتخفيض الآثار في مجال إدارة المياه ضمن خطط التنمية الوطنية وتنفيذ تدابير فنية وإدارية ترمي إلى تحسين مرونة الزراعة المطرية والمروية وتخفيض كميات فاقد المياه وتحسين المعرفة في مجال تغير المناخ والمياه وتشجيع إدارة المخاطر في إطار السياسات الوطنية وتحسين منظومات الرصد ومنتجات التأمين المبتكرة.