هناك تلازم بين التاريخ والإنسان اليمني أكان صانعه أو المتضرر منه ولكثرة هذا التاريخ فإن قيمته تتبع القاعدة “بأن كل معروض باير”!! وهو ماتراه في موقع أثري وحيوي وتاريخي في منطقة المخا وخلفيتها البحرية القديمة وفي مينائها التاريخي الذي صدر البن اليمني منه إلى العالم وتلازما معاً البن والمخا “بن المخا Mocka Coffee”. ولعل هذه الشهرة حجبت ثروة بحرية في مختلف أنواع الأسماك والأحياء البحرية يتم صيدها وتصديرها وكذلك الممالح الطبيعية والثروة الزراعية من نخيل وخضار وفواكه كما أن طبيعتها الحاوية لأشجار وأحراج جعلتها بيئة حاضنة لإنتاج العسل وأنواع نادرة من الحيوانات والطيور.. تتمتع المخا بآثار تاريخية تشعرك بالفخر الذي لايلبث أن يسقطك في حالة من الإحباط والأسف لما تعانيه من انهيارات وتصدعات لحصون ومساجد وخاصة سور المدينة القديم وما تضمه من مساجد لأولياء الله الصالحين “الشاذلي والعلوي والعمودي”. ولعل عوامل التصحر الصارخة والزحف القوي للرمال وذلك الصوت القوي الذي يلازم الناس ليل نهار ولا تملك إلا أن تتعايش معه، أما قوة الرياح فشدتها تجرف الإنسان فسميت منطقة باسم “العروك” تعبيراً عن معركة بين الإنسان والطبيعة!! قال لي أحد أبنائها: لقد تعايشت المخا مع يمنيين وفدوا إليها ومنهم من جاء من حضرموت لأكثر من ستة أجيال كما سكنها أناس من السواحل المجاورة من الحبشة والهند من مختلف الجنسيات وأوروبيين خاصة أنها تعرضت لقصف البرتغاليين في القرن ال 16 الميلادي.. عانت المخا من كارثة طبيعية عرفت باسم “سيل الثلوث” عام 1937م الذي قضى على النخيل المحيط بها فتهدمت أسوارها ومبانيها الأثرية. تشكو المدينة من بطء رهيب للتنمية الاقتصادية فالاجتماعية حيث يعاني الميناء من محدودية تعميق مراسيه وشحة عمله مما يجعل السفن تهجره إلى ميناءي عدن والحديدة كما أنه يفتقر لتعامل فني وإداري يمكّن من تشغيله وإدراره دخلاً وبالطبع فإن التنمية الاجتماعية تنكمش ولا تهيئ المجتمع للاستفادة مما انعكس على شحة فرص لتدريب الشباب وانتشار ثقافة منمطة هي العمل في البحر للصيد أو الانتظار للعمل في السفن الداخلة للميناء في أعمال عضلية موسمية مما يولّد حالة من البطالة وشحة فرص التدريب الفني الذي لو توفر مع تطوير الأداء لوفر فرص عمل فنية. تعتبر المخا عنصر جذب سياحي واعد لامتلاكها شواطئ نقية من التلوث وبها أشجار المنجروف. قال الحاج حسين وهو رجل كبير في السن: أن هناك شوارع وأحياء كان لها أناس من البهرة والهنود واليهود الذين يعملون في التجارة وعندما نشط ميناء عدن اتجهوا إليه كما هاجر أيضاً أناس يمنيون إلى عدن.. بقي القول: أن المخا منطقة واعدة وهي جبهة اقتصادية هامة لتعز وماتحتاجه من استيراد وتصدير للبضائع وكذلك تحلية المياه للمصانع، أنه التلازم بين التاريخ والاقتصاد والسياحة والإنسان في المخا.