كانت لي فرصة زيارة مدينة المخا وقد كنت أعرف شهرتها التاريخية التي قرّبت العالم إلينا، فقد رادف اسم مينائها «بن اليمن»«Mocha coffee» وصار اسمها يعني اليمن، وقد زارها الكثير من الرحالة منهم «نيبور» مابين 1762 1763 وكان ميناءها مزاراً لسفن وأناس، فوثقوا ذلك في مايسمى بأدب الرحلات منهم ما أسلفت ذكره ولكن عندما تزورها اليوم تصدمك وكأنها إنسان أشعث أغبر خرج من غابر الأزمنة بل وقف الزمن عنده. المخا مدينة خاملة أنسيت تاريخها التليد واليوم تعيش حاضراً مهملاً.. شهرتها التاريخية لم تشفع لحاضرها فالميناء الذي كان مفروضاً أن يعوضها إلا أنه هو الآخر أصيب بلعنتها رغم قدمه وأقدميته فهو إحدى مؤسسات الدولة القديمة وحدد وجودها المعاصر عام 1977 بعد الثورة إلا أنه مازال يفتقر لأبسط مقومات التجديد والتطوير ولذا فإنه يحتاج لإعادة تأهيل وتعميق مراسيه وجعله جاذباً ليستوعب متطلبات التنمية واحتياجات الاقتصاد القريب منه وخاصة عاصمة المحافظة تعز وآخرها ما أنشأه البيت اليمني الاقتصادي مؤسسات هائل سعيد أنعم بإنشاء الشركة اليمنية لتحلية المياه لخدمة واحتياج المصانع وغيره وهو مشروع ضخم يعتمد على التكنولوجيا، وهذه الشركة بقدر ما ستشكل حركة للميناء فإنها استوعبت عدداً من الشباب العاطل معظمهم ثانوية عامة الذي يعاني من المحسوبيات والوساطات في التوظيف مما يحرم الشباب من حق العمل، كون لا وسيط لهم ويضطرهم للانكفاء والعمل في البحر وهو محدود الفترة لمواسم الرياح التي تستمر أكثر من نصف السنة وما يضاعف المعاناة هو استبخاس ما يصطادونه بسعر حقير جداً لا يملكون إلا أن يكرهوا على البيع مالم سيتلف السمك وقد خسروا أيضاً تكلفة القارب والأكل والجهد العضلي عوضاً عن المخاطرة وغرق العديد من الشباب بالإضافة لتعرضهم للقرصنة والمصادرة لقواربهم كما أنهم يتحملون أعباء ولامبالاة لهذه الحالات من متابعة مع الجهات المعنية لتحريرهم وقواربهم إن أعيدت. حقيقة المخا منطقة واعدة, فتنوع اقتصادها الزراعي والسمكي والسياحي والتنموي عامة سواء الميناء أو المصانع المتواجدة والتي بالإمكان إنشاؤها سواء لحفظ وتعليب الأسماك أو الملح أو الاسمنت وإرساله ربما بدأ الغيث للمخا يهطل بتباشير التنمية وهي شق طرقات عامة لكنها تحتاج لطرقات فرعية لاحيائها ومؤسساتها التنموية كما تحتاج المنطقة لإصلاح في التعليم بسبب حالات البطالة لمعظم خريجي الثانوية الذين لا يتم استيعابهم بحكم الحاجة لخريجي معاهد فنية ومهنية سواء لشركة التحلية أو الميناء أو المحطة الكهربائية كما أن إسقاط المستوى الجامعي للوظيفة لا يناسب المديريات التي لاتتوافر فيها جامعات وهي في خط الفقر وحتى مخرجات الثانوية العامة كان بالضرورة ان يتم تأهيلهم وفق حاجة سوق العمل وحتى لا يتحولوا إلى مالا يحمد عقباه في الجريمة والإرهاب.. وللأسف لا تستجيب الجهات المعنية لاحتياجات مديرية حيوية واعدة. حقيقة هناك تطبيق لا يراعي الواقع ولا أعرف كيف سيتم تطبيق حكم واسع الصلاحيات على قيادات محلية إما هي مكبلة بالقوانين المركزية أو أنها لا ترغب في الإصلاح والشفافية أو أنها ستكيف على ذلك لصالح الشباب ومنها الوظيفة العامة وإلا لماذا لم يوظف هؤلاء أو يُعاد تأهيلهم؟.