ماتت بغير جنازة واحتفال بل بحقنة قاتلة وبيد من أعلن عن وصولها إلى عالم الحياة إيان ويلموت من معهد روزلين في إدنبرة من سكوتلاندا في بريطانيا. ماتت وعمرها ست سنوات بقدر عمر النعجة التي أخذت من ضرعها بعد أن أنجبت ستة أحمال طبيعية. وهو يذكر بفيلم “شاب إلى الأبد” فحين حفظ جسم الشاب 53 سنة في البراد ثم بعث للحياة من جديد لم ينتبه العلماء إلى أنه في سنة سيختصر نصف قرن فيشيخ في أشهر ما شاخه الناس في خمسين عاماً, وكانت مفاجأة تبعث على الفزع. والتكهنات قوية أن دوللي لم تأتِ إلى الحياة كما يأتي أحدنا وعمره يوم ليبدأ رحلة الحياة بريئاً من الصفر, بل جاءت إلى العالم وعمرها من عمر النعجة التي اشتقت منها ست سنين. وهنا سر عجيب في قصة الخلق يقترب الطب والعلم كل يوم في كشف الإماطة عن أسراره, وهو من جهة أخرى عظة وعبرة للتريث في موضوع الاستنساخ البشري وإلا سيصبح فيلم “شاب إلى الأبد” ليس تمثيلية في السينما بل في الواقع. ويقول هاري جيرفين, الباحث من معهد روزلين أن النعجة دوللي ماتت بالتهاب رئوي وسوف يجرون التشريح بدقة لمعرفة ما الذي قضى عليها وهي في عمر الشباب, فالعادة أن النعاج تعمر من 10 إلى 16 سنة, وهي ماتت في ميعة الصبا. ويقول باتريك ديكسون, الخبير في الاستنساخ: “لا نعرف على وجه الدقة سبب موت دوللي, وهل كان خلفه تسارع العمر فشاخت قبل المشيخ أم غير ذلك؟!”. ودوللي ولدت قبل الإعلان عنها في عام 1997م, فهي رأت نور الحياة في 5 يوليو 1996م بعد أن أخذت من خلية عادية من ضرع نعجة تم نزع المادة الوراثية من خليتها ثم زرعها في نواة خلية أخرى لنعجة ثانية فرغت من مادتها الوراثية, ثم حقنت البيضة الجديدة في رحم نعجة ثالثة, فكان لدوللي ثلاث أمهات دون أب واحد!!. ولكن للأسف فقد اكتشف الباحثون في مايو 1999م أن دوللي تبدو أكبر من عمرها الافتراضي, وكشف ذلك عن طريق نهايات الكروموسوم, حيث ينتهي بقطعة من الأحماض النووية هي التيلومير ومنها تدق ساعة الحياة والموت مثل القنبلة ومع كل انقسام تقصر وتتناقص هذه المادة ومعها تنقضي الحياة, وهذا الذي لاحظوه في دوللي، وسبحان الباقي. وفي مطلع عام 2002م لاحظوا أيضاً التهاب مفصل الورك الخلفي الأيسر عندها وهو علامة المسنين, وفي مطلع فبراير عام 2003م مات نظير دوللي وهو خاروف مستنسخ في استراليا. وحتى هذه الأيام تم استنساخ سبعة أزواج من الثدييات من معز وخنازير وقطط وأرانب, فبدا عليها بدانة غير حميدة وصعوبة تنفس ومشاكل في الدوران والقلب والكثير مات في الرحم أو بعد الولادة مباشرة, ومن عاش لم يكن أفضل حالاً مبتلى المضاعفات والتشوهات الولادية. ويقول كيفين ايجان من معهد ماساشوست للتكنولوجيا في أمريكا أنه درس كبير للعبرة من موت دوللي وتشيخها, وحتى اليوم فإن %95 ممن استنسخ غير طبيعي. وهذا إن دل على شيء فهو التريث في الاستنساخ الإنساني قبل أن يخرج علينا فرانكنشتاين. وفي السعودية تروج أحاديث عن استنساخ إنساني كما يتحدثون عن دجال باكستان, ولكن العلم له قدرة تصحيح ذاتية. وجماعة كندا الذين أعلنوا الاستنساخ الإنساني تبين أن حديثهم لا يزيد عن حديث دجال باكستان والدجاجلة. والدجل عندنا كثير ومن يصدق أكثر.