لا يغفل عن ذكر الله إلا من استحوذ عليه الشيطان وتمكن من قلبه وعقله وقاده إلى الضلالة والهلاك، وهو ما نلاحظه اليوم في بعض القوى السياسية الراغبة في سفك دماء المسلمين والتغرير بالشباب والإصرار على الإفك المبين والإثم العظيم والفجور في الخصومة، والسعي العلني من أجل الانتقام الشخصي من خلال الفساد في الأرض وتعكير حياة الناس وتعطيل المصالح العامة والخاصة، وجلب المفاسد التي ضاق بها الناس ذرعاً ووجهوا نداءاتهم إلى الدولة من أجل تخليصهم من ذلك العبث والإرهاب الذي يمارس ضد الساكنين في بيوتهم وضد كل من يقول كلمة الحق واليقين. إن الإصرار على الاحتكام إلى الطاغوت «والفوضى الخلاقة» أمر لا يدل على الاتزان والاعتدال والرشد، بقدر ما يدل على حالة الهوس النفسي التي سيطرت على عشاق السلطة الذين يريدون الوصول إليها عبر الفوضى والدمار والخراب وتدمير الحياة، وقد برهن هؤلاء عملياً بأن الطرق المشروعة والاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والعودة إلى العقل والحكمة والمنطق أمور لم تعد تمثل لهم شيئاً، وأن الذي يوصلهم إلى السلطة هو الطاغوت، لأن الغاية اليوم لديهم تبرر الوسيلة، فهم لا يحتاجون الدين إلا إذا حقق رغبتهم في الوصول إلى السلطة، ولا يؤمنون بالدستور إلا إذا رأوا فيه ما يحقق أهواءهم ونزواتهم الشيطانية، وكل ما في الدين والدستور والقيم يمنعهم من الفساد في الأرض لا يهمهم مطلقاً، وأن العقل والحكمة والدين والمبادئ والأخلاق والقيم الإنسانية لا يرون أنها توصلهم إلى السلطة ولذلك عندما يظهر فيهم صوت العقل والحكمة ينبذونه إن لم يعملوا على تصفيته وإنهاء حياته. إن الاحتكام إلى الطاغوت هو الشر المستطير الذي تريد بعض القوى السياسية فرضه على المجتمع؛ لأنه لم يعد يهمها حياة أحد مقابل الوصول إلى السلطة، وبات الوصول إلى السلطة هو الغاية وإن وسائل الوصول إلى هذه الغاية كل ما هو عدواني وشيطاني ودموي. وهذه ظاهرة خطيرة تقود المجتمع إلى التفكك وتزرع الفتن وتخلق الرعب وتنشر الرذيلة، الأمر الذي يحتم على علماء الأمة الوقوف أمام هذه الظاهرة الشيطانية بروح المسئولية أمام الله والناس أجمعين لإخراج البلاد من هذه الأزمة والسعي إلى تحكيم الكتاب والسنة وإعمال العقل بإذن الله.