لا أحد في اليمن يعلم شيئاً عمّن يمثّل شباب التغيير, ولا حتى قيادة اليمن تعلم مَنْ الناطق الرسمي بلسان المعتصمين وممّن ينبغي انتظار الرد إن تقدمت لهم بمبادرة, إلا أن القاصي والداني يعلم كل العلم أن جميع المتحدثين في الفضائيات عن “ثورة الشباب” في اليمن هم قيادات أحزاب المشترك.. فياترى من يملك هذه “الثورة”؟ كل ثورات العالم عبر التاريخ لها قادة يعبرون بلسانها وأهدافها ويوجهون حراكها، فلماذا لا أحد يعرف قيادةً لثورة شباب التغيير؟ ولماذا يدور الحوار والتفاوض بين السلطة والمشترك وأقطاب انضمت مؤخراً دون الشباب وبغير أن ينبس شاب واحد ببنت شفه احتجاجاً، أو قبولاً, أو إيضاحاً للرأي العام بالموقف الشبابي مما يدور خاصةً وأن إحدى نقاط التفاوض في مبادرة الخمس النقاط للمشترك يتقرر بها مصير الشباب المعتصمين إن كانوا سيواصلون أم يغادرون ساحاتهم؟ مازلت أتذكر أن الشعارات الأولى لشباب الاعتصامات تعلن رفضها للأحزاب كلها – مؤتمر ومشترك – وتؤكد للناس تجريمها لهذه الأحزاب بتهم الفساد وتخريب البلد .. إذن لماذا عندما أعلنت أحزاب المشترك بياناً رسمياً أنها ستنضم لساحة التغيير لم يعلق أحد من الشباب أو يطلب منها الانضمام بالصفة الشخصية وليس التنظيمية الحزبية؟ أليست هي “ثورة شعب” ويفترض في ساحاتها أن يتجرد الجميع من ألقابهم الحزبية والوجاهية والوظيفية فلا يبقى فرق بين شيخ وعاطل عن العمل، وبين قائد فرقة وجندي كي لا يضطر الأخير لأخذ التحية للقائد في الساحة النضالية؟ كلما سألت أحداً من الشباب لماذا قبلوا بانضمام سراطين الفساد الذين كانوا هم سبب معاناة الجميع، وهم من ألّبوا الشارع ضد النظام، يرددون بأنهم لا يستطيعون منع أحدٍ من الانضمام للساحة، إذن لابد من السؤال : كيف يحمي الشباب ثورتهم من الدنس والشبهات والانحراف عن أهدافها؟ أليس النزر القليل جداً من السم كفيلاً بتسميم بئر ماء بأكمله؟ أليست الثورات تشتعل من أجل قيم إنسانية كريمة!! فأي قيمة ستبقى لها إن تصدر صفوفها كبار منتهكي الحقوق الإنسانية وسالبي الكرامة؟ قبل يومين قرأت على صفحات الفيسبوك الخاصة بشباب التغيير دعوة موجهة للشباب تقول ما معناه: أن الشباب لا يبحثون عن السلطة أو المناصب لأن دورهم “رقابي” فهم يشعلون الثورة ويسلمون السلطة للأحزاب كونها أكثر خبرة وكفاءة منهم، فيما هم سيواصلون أدوارهم الرقابية!! أعتقد أن هذا الكلام هو الزبدة .. وفيه إجابة وافية عن كل الأسئلة الآنفة الذكر، التي تصنف في ساحات التغيير بأنها “أسئلة محرمة” ومن العلامات التي يكتشفون بها “الجواسيس المندسّين” من “أعداء الثورة” فمن المحضور على الشباب المعتصمين التساؤل إن كان ما يحدث هو “ثورة شباب” أو “ثورة أحزاب” وقوى انتهازية تعيد نسخ نفسها بطبعة جديدة تدشن لها العهد الجديد، لتصنع بؤس جيل جديد!! عندما قررت الأحزاب الأسبوع الماضي تسمية الجمعة “جمعة الزحف” استنفر الشباب الواعي منابرهم لقطع دابر أي عنف محتمل، ووجدت على صفحة الزميل المبدع فكري قاسم دعوة الشباب لترجمة السلوك الحضاري الذي يليق بهم والذهاب إلى ساحة التغيير حاملين الزهور!! وكان أسلوبه رائعاً وهناك عشرات المثقفين الشباب ممن أحرص يومياً على زيارة صفحاتهم على الفيسبوك والاستمتاع بأفكارهم النيرة وسؤالي الأخير هو: أليس هؤلاء هم المشاعل الحقيقية لأي ثورة إنسانية؟ فمتى تتحرر نخب السياسة من أنانيتها وتمنح هؤلاء الشباب المتألقين فرصتهم في قيادة مسيرة اليمن ؟!