الأسلوب الآخر اما الأسلوب الآخر الذي استخدمه القرآن فهو يتمثل في ادوار القصة نفسها، اذ نلاحظ ان قصة عيسى عليه السلام تفردت عن غيرها من القصص القرآنية ان بداياتها لم ترافق ظهور الرسول أو النبي ( وهو هنا عيسى) كما هو المعتاد في القصة القرآنية للرسل عليهم السلام اذ ان القصص الاخرى تبدأ من لحظة الدعوة لأقوام الرسل ويدخل الرسول أو النبي تحت اضاءة السرد في القصة القرآنية في تلك اللحظات – لحظات دعوته لقومه – دون التطرق إلى ماضي الرسول ونسبه بل التركيز على مراحل الدعوة فقط.. ما عدا قصة عيسى عليه السلام التي بدأت منذ زمن بعيد بالاصطفاء الالهي لآدم ونوح وال ابراهيم وال عمران على العالمين ومن ثم تتطرق القصة بالتفصيل إلى ملابسات نذر امرأة عمران ثم بدايات مريم عليها السلام وكفالة زكريا عليه السلام لها كل هذا فصلته سورة آل عمران وتفصل سورة مريم قصة مريم حتى لحظات ولادتها بالسيد المسيح عليه السلام ومعجزته الأولى في المهد .. كل هذا ( التمهيد) لظهور عيسى عليه السلام لهو دليل (مادي ) ملموس ورد قاطع لأولئك القائلين بألوهية عيسى أو انه ابن الله ، فالإسهاب القرآني للبدايات كأنه يدوّن (نسب) عيسى عليه السلام بكل التفاصيل من آدم حتى الوفاة، ولن نجد مثل هذا التفصيل المسبق لنسب رسول أو نبي في قصة أخرى من قصص الانبياء عليهم السلام إذا استثنينا ادم عليه السلام كما سنعرف لاحقاً..فحتى قصة موسى عليه السلام – رغم كثرة ورودها في القرآن- لم تفصّل في نسبه بمثل هذا التفصيل.. ويصر القرآن في اغلب مواضع ذكر قصة عيسى عليه السلام على ترديد (عيسى بن مريم) كنفي قاطع لما زعموه ولا مثل له في الأنبياء والرسل الآخرين أيضاً ... التماثل مع آدم القصة المشابهة لقصة عيسى عليه السلام - في التفصيل المسبق – هي قصة آدم عيه السلام ،فأبونا آدم لم تبدأ قصته من لحظة خلقه أو نفخ الروح فيه بل كانت لها مقدمات اوردتها سورة البقرة خاصة في حوار الله مع الملائكة عن المخلوق القادم – خليفة الأرض- وتساؤلات الملائكة ومن ثم جاءت ( لقطة) الخلق والاختبار والسجود وما تلاها من احداث فهل تماثل قصة آدم قصة عيسى في هذا فقط ؟ ان الآية التي جمعت الاثنين في قوله تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [آل عمران :59] فهذه الاية جاءت في محضر رد النبي – عليه الصلاة والسلام – لنصارى نجران اذ قالوا: يا محمد، فيم تشتم صاحبنا ؟ قال: (من صاحبكم) ؟ قالوا: عيسى ابن مريم تزعم انه عبد. قال: (أجل انه عبد الله وروحه وكلمته، ألقاها الى مريم وروح منه). فغضبوا وقالوا: لا ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ثم خرج منها فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط انساناً خلق من غير أب ؟. فأنزل الله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم) ) [المائدة :175] وأنزل الله تعالى: (ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) ) [آل عمران:59] لكن فيها (مثلية) أخرى يشير اليها المهندس / عبدالدائم الكحيل فيقول: بل هناك تماثل في ذكر كل منهما في القرآن. فلو بحثنا عن كلمة (عيسى) في القرآن نجد أنها تكررت بالضبط 25 مرة، ولو بحثنا عن كلمة (آدم) في القرآن لوجدنا أنها تتكرر 25 مرة أيضاً وليس هذا فقط بل أن الآية التي اجتمع فيها الاسمان هي الآية السابعة في ترتيب الآيات التي ذكر فيها (آدم) وكذلك هي الآية السابعة في الآيات التي ذكر فيها (عيسى) . و للحديث بقية..