الحادثة التي تعرضت لها لجنة الوساطة المكونة من مجموعة من مشايخ ورموز قبائل “ سنحان ، بني بهلول، بلاد الروس” أمام بوابة معسكر الفرقة الأولى مدرع كانت صادمة للملايين من أبناء الشعب اليمني ورأوا فيها خروجاً سافراً عن الأعراف والتقاليد اليمنية الأصيلة التي تحرم وتجرم الاعتداء على العزل من السلاح وفي تاريخ الحروب كلها التي عرفها التاريخ اليمني القديم كانت هناك مجموعة من الضوابط يلتزم بها المحارب أو أطراف الصراع المختلفة من ذلك: - عدم الاعتداء على النساء والأطفال مهما كانت الظروف والأسباب. - عدم الاعتداء على كبار السن والضعفاء والبسطاء وذوي العاهات. - عدم الاعتداء على لجان الوساطات والصلح. - عدم الاعتداء على الرسل الذين ينقلون رسائل الأطراف المتصارعة. وحدد العرف اليمني أحكاماً تعزيرية بالغة لكل من يتجاوز هذه الأعراف ومن تجاوز هذه الأعراف والخطوط الحمراء التي وضعتها القبيلة فقد وقع في أنواع العيوب الأربعة وهي العيب الأثلم، العيب الأجذم، العيب الأحمر، العيب الأصغر، وهذه العيوب الأربعة كما يقول الشيخ محمد بن علي صياد في كتابه “ العرف القبلي” تنضوي تحت مسمى “العيب الأسود”. ومن ارتكب العيب الأسود فالحكم القبلي عليه مضاعف وربما يصل الحكم عليه في حكم الأعراف القبيلة إلى إهدار دمه ونفيه من القبيلة والتبرؤ منه ومن أبنائه وأولاده في حالة إذا أصروا على البقاء مع موقف أبيهم. وحقيقة فإن علي محسن قد ارتكب خطأً فادحاً وجرماً بالغاً حين اعتدى على لجنة الوساطة التي جاءت مسالمة لا تحمل السلاح وهدفها إصلاح ذات البين، لقد كانت هذه الحادثة للأسف سابقة خطيرة ولم تعرف لها اليمن مثيلاً قديماً وحديثاً. فمعذرة لقبائل سنحان وبني بهلول وبلاد الروس التي جاءت تحمل حمامة السلام في كفة وغصن الزيتون في الكفة الأخرى جاءت هذه القبائل بدافع الحب للوطن والخوف على مستقبل أبنائه، جاءت بصدور عارية رجاء الإصلاح لكنها تفاجأت بالرصاص وعادت هذه القبائل من حيث جاءت مثخنة الجراح تواري قتلاها وأحزانها لكنها في نفس الوقت عادت بمكسب عظيم حين عرفت من هو الذي يريد خراب الوطن.