الحوار طريق العقلاء الذين يريدون الخير للوطن والذين يغلبون المصالح العليا للبلاد والعباد على مصالحهم الآنية والضيقة ، والذين يريدون الأمن والاستقرار ، والذين يريدون تعزيز الوحدة الوطنية ، والحوار عبر التاريخ هو الطريق الآمن للخروج بحلول للقضايا المختلف عليها وهو الذي يحقن الدماء ويصون الأعراض ، ولايخوضه إلا الذين يؤمنون بأن الدستور والقانون هو سيد الجميع وأن الخروج عليهما مُجرم ولا يعترف بأي تصرف خارج إطار الشرعية الدستورية . والحوار هو وسيلة الحكماء والنبلاء الذين تتوفر فيهم صفات الإيمان والحكمة ، والذين لا يميلون إلى مصالحهم الخاصة أو مصالح فئة اجتماعية معينة ، ولا يقبلون بتسلط فئة اجتماعية تتصف بالشر والعدوان على المجتمع ، بل الذين يحترمون الثوابت الوطنية والدينية ويرفضون التخريب والعدوان التزاماً بقول الله سبحانه وتعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) والحوار هو وسيلة الشجعان الأقوياء الذين يريدون الخير للناس كافة ، ولا يرغبون بالتسلط ويؤمنون بالمشاركة السياسية والشعبية للكافة . الحوار وسيلة حضارية إنسانية يستخدمها الإنسان لأن الله سبحانه وتعالى منحه العقل الذي جعله قادراً على التمييز بين النافع والضار والخير والشر ، وهو صفة إنسانية منذ خلق الله سبحانه وتعالى الكون، وقد سخر الله كل مافي الكون للإنسان من أجل إصلاحه وليس إفساده وتخريبه. لقد قدم لنا التاريخ السياسي دروساً بالغة الأهمية كانت خلاصتها أن جميع شئون الحياة العامة والخاصة لاتستقيم إلا بالحوار وجاء الإسلام عقيدة وشريعة يؤيد هذا الاتجاه الإنساني الراقي انطلاقاً من قوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) والحوار يخلق الرضا والقبول ويحقق الأمن والاستقرار ويولّد الثقة ويعمق روح التفاهم ، ويزيل الفرقة والبغضاء والتشاحن ويضع حدوداً لمن في نفسه هوى أو تسلط ، ويحد من طغيان النفوس الشريرة ويوحد النفوس الخيرة ويعزز السلام الاجتماعي وهو ماكنا ننادي به وسنظل كذلك ، لان الحوار منهج الحياة الآمن لدى الحكماء والعقلاء بإذن الله.