الشرعية الدستورية تعني أن يكون الدستور بحسبانه القانون الأسمى في بلد من البلاد هو المرجع لتحديد مؤسسات الدولة واختصاصات هذه المؤسسات والقائمين بتمثيلها المعبرين عن إرادتها ، والدستور إذ يحدد سلطات الدولة ومؤسساتها يقتضي أن تكون تلك السلطات والمؤسسات خاضعة للدستور عاملة في إطاره لا تعدوه ولا تخرج عليه . ومن هنا قيل أن الدستور تضعه «السلطة المؤسسة» في الدولة وان هذه السلطات والمؤسسات داخل الدولة إنما هي سلطات مؤسسة والدولة نفسها في ظل الشرعية الدستورية تعتبر مؤسسة المؤسسات ، ونحن نقول في هذه الجمعة المباركة جمعة الشرعية الدستورية وفي ظل الظروف العصيبة التي يشهدها الوطن أن لاطريق إلى السلطة غير صناديق الاقتراع.. هذا هو موقف شعبنا اليمني العظيم الوفي والذي عبرت عنه الملايين من أبناء هذا الشعب.. هذه الملايين هي في الميادين والساحات في العاصمة ومختلف المحافظات في الجبال والسهول والأرياف هي السياج العالي والحصن المنيع لهذا الوطن، وهي صاحبة القرار ومن يمنح الشرعية ومن ينتزعها، وقد قالت بصوت عالٍ: لا للنهج التآمري الانقلابي على الديمقراطية والشرعية الدستورية لأنه نهج الفتن والفوضى الذي يعني الدمار والخراب والفرقة والتشظي، نعم للشرعية الدستورية.. نعم لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي جاء إلى السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة ومن خلال المؤسسات الدستورية التي عبرت عن إرادة وضمير جماهير الأمة اليمنية ,وقالت: نعم للحرية.. ونعم للديمقراطية.. ونعم للأمن والسلام..نعم للحوار نعم للمبادرة الخليجية لضمان الانتقال السلمي والأمن للسلطة وإخراج اليمن من أزماته. نعم لقد برهن الشعب اليمني في هذه الجمعة العظيمة “ جمعة الشرعية الدستورية” وفي كل المواقف أنه شعب أصيل وعظيم وحضاري، وأنه يحمل في جوانحه حباً جارفاً لوطنه ومبادىء ثورته ووحدته الوطنية،وشرعيته الدستورية وأنه أيضاً يعتز أيما اعتزاز بهويته وانتمائه الوطني، لكونه تربى على هذه القيم والمعاني النبيلة، ولا نحتاج للتدليل على هذه الصفات. ولذا فان أهم رسالة أوجهها في هذا الظرف العصيب وفي جمعة الشرعية الدستورية هي: إن المحافظة على الجماعة يا أهل الحكمة اليمانية من أعظم مبادىء وأصول الإسلام، وهو مما عظمت وصية الله تعالى به في كتابه العزيز، وعظَّم ذمَّ مَن تركه، إذ يقول جل وعلا: “واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون” وقال سبحانه:«ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم» ، وقال جل ذكره: “إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون” وهذا الأصل الذي هو المحافظة على الجماعة مما عظَّمت وصية النبي صلى الله عليه وسلم به في مواطن عامة وخاصة، مثل قوله عليه الصلاة والسلام: “يد الله مع الجماعة” رواه الترمذي . وقال عليه الصلاة والسلام: “من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية” رواه مسلم .وقال عليه الصلاة والسلام: “إنه ستكون هنّات وهنّات، فمن أراد أن يفرِّق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان” رواه مسلم .وما عظمت الوصية باجتماع الكلمة ووحدة الصف إلا لما يترتّب على ذلك من مصالح كبرى، وفي مقابل ذلك لما يترتّب على فقدها من مفاسد عظمى، يعرفها العقلاء، ولها شواهدها في القديم والحديث .و إن شأن الفتنة أن ضررها يعم ولايخص وأن من استشرف لها استشرفته ،وأن كل من أوتي الحكمة ورزق حظاً وافراً من ذكاء الحس وكمال الوعي وسداد الرأي ونظر في العواقب واتقى الفتن ووازن بين المصالح المتوهمة الظنية والمفاسد المحققة القطعية لن يكون أبداً إلا مجانباً لهذا النكر رافضاً هذا الفكر معرضاً عن هذا الطرح سباقاً إلى الدعوة إلى الوفاق و ائتلاف القلوب واجتماعها ونبذ أسباب الفرقة والحذر من كل سبيل يفضي إليها أو يعين عليها باذلاً وسعه في البيان والنصح صارفاً همته إلى التحذير وفي تضافر جهده وجهد كل الحكماء والعقلاء مايسدد الله به الخطى ويبارك به السعي وتحفظ به الوحدة والجماعة وتطفأ به الفتنة وتحسن به العاقبة والرسالة الأخرى للجميع هي أن الأوطان لا تحمى بالمزايدات الجوفاء ، بل بالعمل والإنتاج والتنمية والبناء العلمي والاقتصادي .. فكل خطوة ومبادرة في هذا السبيل هي حماية للوطن ومصالحه .. فمن يحب وطنه ويعمل على حمايته من الأخطار ، لا يعطل معاملات المواطنين في الدوائر الحكومية ولايعطل العملية التعليمية في الجامعات او المدارس، من يحب وطنه ويعمل على حمايته ، يمارس عمله على أكمل وجه من دون تسيب أثناء الدوام الرسمي والبقاء في الساحات سواء المؤيدة للشرعية او المعارضة ،ومن يحب وطنه لا يتعدى على الممتلكات العامة والخاصة .. وفي الأخير ينبغي على الحزب الحاكم والمعارضة ان يعوا ويفهموا ويستوعبوا معاني ومضامين وأبعاد ودلالات مبادرة الأشقاء الحريصة المخلصة لأجل اليمن والتي تم الموافقة عليها ومن المقرر ان يتم التوقيع عليها يوم الاثنين المقبل بحيث يجب على تلك القوى وعلينا أن ندرك أننا جميعاً نبحر على سفينة واحدة ومسؤوليتنا أمام الله والتاريخ والأجيال القادمة أن نوصلها إلى بر الأمان، لأنه إذا ما عصفت بها أعاصير التحديات والأخطار التي نجابهها فستغرق في بحر الفرقة والتمزق والصراعات والفوضى التي ليس لها قرار، ولهذا نقول مرة أخرى: لا بديل إلاًّ الحوار من أجل الوطن ومستقبل أجياله القادمة والرهان الآن على جهود الأشقاء وتغليب الحكمة اليمانية على ماعداها من الخيارات الكارثية وفي هذا خير حاضر الوطن مستقبل أبنائه وينبغي علينا ان نكون واثقين من أن الشعب اليمني سينتصر لإرادته وتطلعاته في الحرية والغد الافضل..