لم يكن هذا الوضع الذي نعيشه اليوم ضرورياً أو حتمياً، كان بالإمكان ان يكون وطننا الحبيب بخير والناس بخير وكل الأمور على ما يرام وأفضل .. كان بالإمكان ان تكون الابتسامة مشرقة على كل الوجوه، ولا مجال للدماء والدموع التي تسيل كل يوم، والتي حولت أوقاتنا إلى هموم وأحزان، والله وحده يعلم كيف ستكون أوقاتنا في قادم الأيام المثقلات بأسباب التشاؤم والقلق والخوف.. كان بالإمكان أن تحل علينا هذه الأيام والأوضاع في البلد كما ينبغي ان تكون من الأمن والأمان والتعايش الاجتماعي والوحدة الوطنية التي أصيبت إصابة بالغة جراء بعض السياسات والتصرفات والأفعال التي استهدفتها قبل غيرها من الجوانب التي طالتها يد العبث والفوضى .. كان بالإمكان ان يأتي موعد الانتخابات البرلمانية وقد جرت بكل يسر وسهولة وعبر الوطن وأهله نحو مرحلة جديدة لا يعكر صفوها هذا الذي يحدث اليوم .. كان بالإمكان ان يتفق فرقاء العمل السياسي من وقت مبكر لولا العصبات والتعصبات والحسابات التي لم يضع أصحابها نصب أعينهم واهتماماتهم مصلحة هذا البلد وأهله. كان بالإمكان أن تقدم كل الأطراف تنازلاتها لتحقيق الوفاق والاتفاق ومن أجل اليمن هذا الوطن الذي يجمعنا بكل القواسم المشتركة بين أبنائه .. كان بالإمكان ان نفرح ونحن نعيش أياماً يسودها الوئام ونتقاسم فيها الحلو والمر من أجل أن نصل زمن بلا مرارات ولا خلافات بين الناس وبين الأحزاب كان بالإمكان ان تحل علينا هذه المناسبة ولا شيء يعكر علاقات الناس بالناس والأحزاب بالأحزاب، ونحن جميعاً ندرك معنى الشراكة في الوطن دون ان يبغي طرف على طرف، ودون ان نسمع ما نسمعه اليوم من مفردات الكراهية والعداوة وصولاً إلى لغة الحرب والفوضى والدمار المرتقب فوق الدمار الذي حل بجوانب كثيرة من حيات الناس ومصالحهم وما لحق بنفوس الصغار والكبار على حد سواء من أضرار ندركها جميعاً ونحس بها ونراها في عيون الناس وفي وجوههم التي تعكس حجم القلق والخوف من مآلات الأوضاع الراهنة . كان بالإمكان ان لا نرى صور الجرحى ودماء القتلى والمصابين ومن مشاهد قتل النفوس وسحل المسنين على مرأى ومسمع من عدسات الكاميرات والشاشات وكل ما يحدث سيء وان حدث خلف الأضواء، لكن ظهور تلك المشاهد للعالم تعكس انطباعاً سيئاً عن الإنسان اليمني فتلحق الضرر بالجميع .. كان بالإمكان الا نظهر بتلك الهمجية وأن نكون كما نحن وكما يفترض ان نكون بقيمنا وأخلاقنا التي لم تكن يوماً على النحو الذي يبدو اليوم، ولنسمع ولنقرأ ماذا يقول المراقبون والمتابعون لما يحدث في بلادنا .. كان بالإمكان ان نتفق على ما نريد وعلى المستقبل المنشود لنا جميعاً دون ان نقتل بعضنا أو نضرب بعضنا أو يعتدي بعضنا على بعض لدرجة لم يسلم فيها كبار السن من طيش الشباب .. كان بالإمكان ألا يقتل من قتلوا وهم خسارة أكثر وأكبر من وصفها بالفادحة لولا العناد والإصرار على المواقف ولولا رفض الآخر وتصويره على انه عدو يجب قتله وان لم تقتله اليوم فسوف يقتلك عاجلاً أم آجلاً .. من أين جاءت كل هذه الأحقاد وكل هذه الكراهية التي نراها بين أبناء الوطن الواحد؟ من أين جاءت كل هذه الرغبة الجامحة في الانتقام من الآخر لمجرد تصنيفات سياسية لم تكن يوماً مصدر عداوة في بلد من بلدان العلم .. كان بالإمكان ولم يزل ان ننزع فتيل الشيطان ونتهادى المحبة.