كشفت تداعيات الأزمة السياسية اليمنية عن حجم المؤامرة الإعلامية التي تحاك ضد الوطن من قبل قنوات فضائية عربية ودولية ومحلية وصحف ومواقع الكترونية محلية وخارجية وما يهمنا في هذه التناولة هو وسائل الإعلام المحلية التي ركبت غالبيتها موجة التغيير وجندت نفسها من أجل إسقاط النظام ورحيل الرئيس عن السلطة وسخرت كل إمكانياتها وبرامجها التلفزيونية ومساحاتها الصحفية وصفحاتها الالكترونية لنقل الصورة التي تتماشى مع توجهات القائمين عليها حتى وإن كانت غالبيتها معتمدة على الكذب والتدليس , فما تنشره الصحافة المحلية ذات اللون الواحد يخالف قواعد ومهنية العمل الصحفي فهذه الصحف ستنتقي معلوماتها من طرف وتتشدد في طرحها مؤيدة ومناصرة له , وهناك صحف تتعمد نسج أخبار مفبركة بحسب الانتماءات والتوجهات السياسية والحزبية للمحررين ,ونجد أن خبراً واحداً سواء كان صادقاً أو كاذباً يتم تداوله في مختلف هذه الصحف مع الاختلاف في الصياغة والاتفاق على الرسالة المنشودة من وراء نشر هذا الخبر الذي يحاط بهالة إعلامية غير مسبوقة فعلى سبيل المثال الأربعاء الماضي حاول عدد من المعتصمين بذمار اقتحام مبنى كلية التربية بجامعة ذمار من أجل منع الطلاب والطالبات من الدراسة وإغلاق الكلية بالقوة حتى يسقط النظام , حيث قوبلت هذه التصرفات الاستفزازية بحالة من سعة الصدر والتحمل من قبل العناصر الأمنية المكلفة بحراسة الكلية للحيلولة دون حدوث أي مواجهات وعلى الفور سارعت بعض هذه الصحف والمواقع الالكترونية ذات اللون والخط الواحد إلى نشر خبر وقوع إصابات في أوساط المعتصمين من قبل عناصر أمنية وبلاطجة الحزب الحاكم على حد وصفهم (القذر) المردود عليهم ولا نعلم كيف لكل هذه الوسائل الاتفاق على مصداقية الخبر دون أن تفكر ولو وسيلة واحدة بالتأكد من الجهات ذات العلاقة على اعتبار أن ذلك يجسد المصداقية الإعلامية والصحفية, ولكن هذه الوسائل جعلت من الأزمة الراهنة فرصة لتسويق الكذب والافتراء وتحقيق السبق الصحفي والإعلامي على حساب المصداقية والمهنية المهم أن ما يتم نشره يخدم الجهات الداعمة لها أو التوجهات الحزبية للقائمين عليها، وتكاد تكون هذه الصحف متشابهة إلى حد كبير في مضامينها وكأن هناك مطبخاً إعلامياً تتم فيه صياغة هذه الاخبار والتقارير، ودائماً ما تنقل وجهة نظر القوى المطالبة بإسقاط النظام ولا تكتفي بتجاهل القوى المؤيدة للنظام وإنما تذهب إلى حد الإساءة إليهم ووصفهم بأوصاف ومسميات غير لائقة وغير أخلاقية ودائماً ما تقلل من حجم هذه الجماهير التي تحتشد في ميدان السبعين كل جمعة وتلك الجماهير المعتصمة في ميدان التحرير والشباب المعتصمين في مدينة الثورة الرياضية ومعهم الجماهير الغفيرة في المحافظات ومهما حصل من اعتداءات على هؤلاء من قبل الطرف الآخر فإنها لا تذكر والبعض من هذه الصحف تقوم بتحريف الوقائع وتحويل الجاني إلى مجني عليه والجلاد إلى ضحية وهو الأسلوب الذي دأبت عليه غالبية صحف المعارضة والصحف الموالية لها والتي تتعمد تجاهل الاعتداءات التي تعرض ويتعرض لها أبناء القوات المسلحة والأمن من قبل العناصر الخارجة على النظام والقانون والتي ينجم عنها خسائر بشرية وصلت بحسب إحصائية أولية إلى أكثر من 21 شهيداً وأكثر من ألف جريح من أبناء القوات المسلحة والأمن ولم يحصل ان قامت مطبوعة صحفية من صحافة اللون الواحد ان تعرضت لهذه الاعتداءات التي يتعرض لها أبناء القوات المسلحة والأمن ولا أعلم ما الذي يمنعهم من ذلك ؟ أم ان هؤلاء من جهة نظرهم ليسوا بيمنيين، فكل تركيزها على لساحات الاعتصام وما يتعرض له هؤلاء من أضرار جراء خروجهم في مسيرات غير مرخصة وقيامهم بالزحف باتجاه المنشآت العامة ومؤسسات الدولة المختلفة وإجبارهم لأصحاب المحلات التجارية على إغلاق محلاتهم من أجل تحقيق هدفهم المتمثل في العصيان المدني للضغط على النظام وإجباره على الاستجابة لمطالب المعتصمين فأين المهنية وحرية الرأي والرأي الآخر ؟!! وأين المصداقية والأمانة الصحفية والإعلامية ؟!! اليس من المعيب ان تتحول هذه الصحف إلى فروع لأحزاب المعارضة تعبر عن أطروحاتها وأفكارها وتوجهاتها السياسية وخصوصاً تلك الصحف التي تدعي زوراً وبهتاناً إنها مستقلة رغم أن نهجها الإعلامي لا يوجد فيه ولو نسبة 1 % من الاستقلالية بل إنها تفوق الصحف الحزبية الصادرة باسم أحزاب اللقاء المشترك ومن يريد أن يتأكد من ذلك فما عليه سوى متابعة تغطية هذه الصحف للأحداث التي شهدتها العاصمة صنعاء الأربعاء الماضي عندما قامت مجاميع من المعتصمين في ساحة الجامعة بتنظيم مسيرة استفزازية توجهت صوب مدينة الثورة الرياضية والتي يخيم فيها مجاميع من الشباب المؤيدين للرئيس علي عبدالله صالح وللشرعية الدستورية وهو ما أدى إلى وقوع اشتباكات أسفرت عن وفيات وإصابات بالمئات حيث سارعت هذه الوسائل الإعلامية وعلى رأسها قناة الفتنة (سهيل) إلى إلقاء اللائمة على الرئيس والسلطات الأمنية التي اتهمتها بقتل المتظاهرين سلمياً وأوصلت عدد الضحايا إلى عشرات القتلى ولا أعتقد أن المواطن اليمني غبي كما يتصور الإخوة في قناة سهيل حتى يتم الاستخفاف بعقولهم بهذه الطريقة فالحقيقة تقول بأن من قاموا بالتوجه بالمسيرة صوب ملعب الثورة كانوا يخططون لوصول الأمر إلى هذه المحصلة والنتيجة المؤلمة ولا يوجد أي مؤشر على سلمية هذه المسيرة وخصوصاً ان هناك شهود عيان أكدوا وجود عناصر مسلحة تابعة للفرقة الأولى مدرع كانوا ضمن المتظاهرين علاوة على إن تسيير مسيرة نحو المكان الذي يوجد فيه مؤيدو النظام السياسي والشرعية الدستورية لا يعني إلا تفسيراً واحداً وهو أن هؤلاء المعتصمين ومن خطط لهم لهذه المسيرة كانوا يهدفون إلى صب الزيت على النار وافتعال فتنة جديدة من أجل التأثير على المساعي الخليجية الهادفة إلى حل الأزمة السياسية الراهنة ورغم كل ذلك لم نسمع أو نقرأ في هذه الوسائل الإعلامية ذات اللون الواحد أي أشارة إلى إدانة قيام المعتصمين بالاعتداء على ملعب الثورة والمعتصمين من أنصار الرئيس المتواجدين هناك وما قاموا به من تخريب وتكسير وتدمير، وبقدرة قادر عملت هذه الوسائل كما هو المعهود بها ذلك على تحويل الجلاد والمعتدي إلى ضحية معتدى عليها ولا نعلم لو أن أنصار الرئيس قاموا بتنظيم مسيرة باتجاه جولة الجامعة الجديدة وحصلت هناك اشتباكات مع المعتصمين هناك وسقط ضحايا هل قناة سهيل ستسكت عن الإشارة إلى أسباب الفتنة وتحمل أنصار الرئيس المسؤولية لأنهم من قاموا باستفزاز الطرف الآخر، كلنا يعرف كيف كانت سهيل ستتعامل وقس على ذلك الصحف والمواقع الالكترونية ذات التوجه واللون الواحد فخيوط المؤامرة مترابطة. وعلى ذكر أحداث مدينة الثورة الرياضية صعقت وانا أشاهد ذلكم المنظر البشع وغير الإنساني لمجاميع من الشباب المشاركين في مسيرة الفتنة التي خططت لها أحزاب اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معها وهم يعتدون بأسلوب وحشي وهمجي على شيخ طاعن في السن لمجرد انه كان يحمل صورة لخفامة الرئيس علي عبدالله صالح حيث أوسعوه ضرباً أمام عدسات الكاميرا في مشهد اهتز لهوله الوطن، ولا أعلم ماهي الجريرة التي ارتكبها هذا العجوز المسكين حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة اثر هذا الاعتداء الوحشي البشع ؟!! أهذه هي المسيرة السلمية ياقناة سهيل التي قلتم انه تم الاعتداء عليها كفاكم دجلاً ونفاقاً وتزييفاً أين ضمائركم وانتم تشاهدون الاعتداء الوحشي الذي يغضب الله ورسوله على شيخ طاعن في السن ؟!! إذا لم تدينوا على الأقل هذا الاعتداء على الأقل لأنه من المستحيل عليكم أن تعرضوا تلكم المشاهد عبر قناتكم لأنها لا تخدمكم لقد انكشف للجميع ان الوطن تحاك عليه مؤامرات خطيرة يتم الترويج لها عبر وسائل إعلامية مرئية ومقروءة ومسموعة تحمل لوناً ومنهجاً واحداً، ولا يمكن لهذه الوسائل ان تنحاز للحقيقة والمصداقية والمصلحة الوطنية لأن لديها أجندة مغايرة لذلك تماماً وأمام ذلك فإن الواجب علينا جميعاً مقاطعتها وعدم متابعتها أو التعامل معها باعتبار ذلك خيانة وطنية لأنها تحرض على العنف والفوضى والصراعات والاقتتالات والحروب الأهلية بين أبناء اليمن وتسعى بكل إمكانياتها إلى الذهاب بالوطن إلى مرحلة اللاعودة للوحدة والأمن والاستقرار والبناء والتنمية من خلال نهجها التحريضي والعدواني الذي يزيد الطين بلة ويؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية والوصول بالأوضاع إلى مرحلة في غاية التعقيد.. إن المرحلة اليوم تتطلب أن تكون وسائل الإعلام المختلفة إحدى الوسائل التي تُسهم في تهدئةً الأوضاع وإزالة التوترات وملامح التصعيد القائمة تماماً كما هو الدور المنوط بالعلماء والدعاة ، وليدع هؤلاء المصالح والمكاسب السياسية والحزبية ولينتصروا للوطن ، وليعملوا على حقن دماء اليمنيين والعمل على تقريب وجهات النظر بين السلطة والمعارضة وتقديم الحلول والمقترحات الكفيلة للخروج من هذه الأزمة ، فهذا هو الدور المنتظر من وسائل الإعلام المحلية في هذه المرحلة ، وأنا هنا أحذر من مغبة استمرار وسائل الإعلام في مسارها التحريضي والاستفزازي لأن ذلك سيجر البلاد إلى حروب أهلية وصراعات وفتن لا أول لها ولا آخر وهو مالا نرضى به لأن اليمن أمانه في أعناقنا جميعاً والحفاظ عليها وصون مكتسباتها مسؤوليتنا جميعاً سلطة ومعارضةً ومستقلين ، حفظ الله اليمن وأهل اليمن [email protected]