يبدو أن حالة الاستلاب والاستعباد تجعل من الإنسان الذي قبل على نفسه الوقوع في هذا المستنقع فاقداً لإرادته وحريته، ولم يؤمر نفسه بيده وبات كالآلة يسير وفق إرادة السالب للحرية والمغتصب لآدمية الإنسان، ولأنه كذلك فلم يعد قادراً على التمييز بين الأفعال والأقوال ولا يستطيع أن يخالف أمر الغاصب لحريته وإنسانيته، وهذه الحالة شديدة الاستعباد وجدت اليوم في المشهد السياسي وظهرت جلية على أولئك الذين رهنوا أنفسهم للمنظمات المشبوهة التي تظهر ثوب الإنسانية وتخفي خلفه العدوان على اليمن ووحدته وأمنه واستقراره. لقد حذرنا من ترك الشباب نهباً للأفكار الضالة والمنظمات المشبوهة، وقلنا في ذلك الحين إن الشباب لا يستطيعون أن يدركوا الأهداف الحقيقية لتلك المنظمات المشبوهة أو أصحاب الأفكار الظلامية في بداية الأمر لأن المدخل الذي يدخل عليهم من يريد أن يغتصب حريتهم وإنسانيتهم إما ديني أو إنساني، ولأن الشباب أو البعض منهم لا يتمتعون بقدر كافٍ من التحصين ضد الاختراقات الفكرية المنحرفة فإنه من السهل على أصحاب الأطماع الوصول إلى عقولهم والسيطرة عليها. إن السيطرة على عقول الشباب أمر بالغ الخطورة، لأن تلك السيطرة المحكمة تجعل الضحية ينفذ الأوامر فقط ولا يمكن أن يناقش أو يجادل ويتحول إلى مجرد آلة لا تعي ما تفعل أو تفهم الآثار السلبية الناجمة عن أفعالها التي تقوم بتنفيذها بأمر التسيير. تلك الصورة الحقيقية للأفعال المجرمة والمحرمة شرعاً وعرفاً وإنسانية، وتلك الخلفية الخطيرة للمنفذين الذين تركوا وقتاً دون إجراء التحصينات الفكرية اللازمة، أو المتابعة الضرورية لمسار حياتهم حتى تمكن الغاصب لحريتهم وإنسانيتهم من ملء عقولهم بالفساد في الأرض والتخريب والتدمير من أجل النيل من وحدة وأمن واستقرار البلاد، ولذلك فإننا الآن أمام مشاهد بالغة الخطورة تحتاج إلى المزيد من الصبر والحكمة من أجل استعادة حرية وإنسانية الضحايا الذين وقعوا في مستنقع الارتهان الشيطاني، وعلى العلماء والحكماء بذل المزيد من الجهد والصبر في هذا الاتجاه، وعلى الشباب الذين استناروا بنور الله وتمكنوا من تحصين أنفسهم بالإيمان والحكمة أن يبذلوا جهداً في سبيل إنقاذ من وقعوا في شرك الغواية الشيطانية، وأن توحد الجهود من أجل حماية الدين والوطن بإذن الله.