لم يدرك البعض من الذين غرّتهم الحياة وزيفها أن الإنسان الذي يستخدم عقله الذي وهبه الله إياه وميزه عن بقية مخلوقاته إنما هو الإنسان الفاعل الذي يستحق الاستخلاف في الأرض من أجل القيام بواجب الاستخلاف. بل إن ذلك البعض سلم عقله لغيره وجعل من نفسه آلة تقول ما يملي عليه وتفعل ما تؤمر من الأشرار الذين سيطروا على عقله وفكره وجلبوا له أنواع الشرور من أجل قتل المعاني الإنسانية والتحكم في حياته وتحريكها وفق الإرادة الشيطانية. إن الفكر الإنساني الخالي من الهوى العدواني الذي ينطلق من الفطرة التي فطر الإنسان عليها لا يضمر شراً أو حقداً أو كرهاً لأحد على الإطلاق؛ لأن الفطرة الإلهية التي ولد عليها وتربى في كنفها لم تزرع فيه غير بذرة الخير والعدل والمحبة والوئام. ولذلك فإن الإنسان من حيث المنشأ الأصل لا يحمل بذرة الشر وإنما يحمل بذرة الخير والسعادة والتفاؤل، ولكن من الذي يتدخل لتغيير هذه الفطرة؟ الواقع أن الإنسان يخضع لأساليب تربوية عديدة ابتداءً من الأسرة ومروراً بالشارع والمسجد والمدرسة والمجتمع وهذه العوامل التربوية هي التي تؤثر على الفطرة السوية, فإما أن يكون التأثير ايجابياً من خلال تقوية عوامل الخير والصلاح, وإما أن يكون التأثير سلبياً تمحو آثاره الفطرة السليمة في النفس البشرية, وأعتقد أن الدراسات المتعلقة بهذا الشأن قد أثبتت أنه بالإمكان التأثير السلبي على الفطرة إلا أنه محال اقتلاعها. إن القوى الشريرة والعدوانية وأصحاب الفكر الظلامي والهوى الشيطاني وأصحاب التسلط والعدوان وتجار الحروب يدركون هذه الحقيقة؛ ولذلك نجدهم في أعمال الغواية الشيطانية والعدانية لا يستهدفون إلا الفئات العمرية الصغيرة من أجل استقطابهم وتهيئة عقولهم بأفكار الهوى العدواني بهدف جعلهم وسيلة لتحقيق غاياتهم الهمجية في استعباد الناس وإذلالهم. ولذلك نكرر الدعوة إلى كل أم وأب وكل الجهات المسئولة عن التربية والتنشئة إلى ضرورة حمل أمانة المسئولية في الاتجاه من أجل حماية الشباب بإذن الله.