لا يقبل الشر إلا من طبع عليه من خلال التربية العدوانية؛ لأن الأصل في الإنسان - كما خلقه الله سبحانه وتعالى - هو الفطرة الإلهية، بمعنى أن الشر مكتسب من التربية ولا صلة له بالفطرة الإلهية؛ لأنها خالية من العدوان والأحقاد والضغائن، ولذلك فإن المرحلة المقبلة من الحياة السياسية تحتاج إلى الشعور بالمسؤولية وتحمل الأمانة من أجل القيام بواجب التنوير الذي ينبغي أن يمحو آثار الفتنة. إن الأحزاب السياسية التي لم تقم بدور إيجابي في الفترة الماضية - بقدر ما قامت بالدور السلبي الذي اعتمد على التعبئة العدوانية والشريرة والحاقدة - تتحمل مسؤولية دينية ووطنية وإنسانية أمام الله والشعب والعالم، وينبغي عليها قبل غيرها القيام بإزالة الحقد والكراهية والعدوانية من صدور الذين أعدّتهم لهذا الاتجاه العدواني الخطير الذي خلق تراكمات هددت السلم الاجتماعي واستهدفت كيان الدولة اليمنية وعرضت السيادة الوطنية للخطر الخارجي المتربص بأمن واستقرار ووحدة اليمن. إن إزالة الأحقاد والشرور يحتاج إلى جهود مضاعفة، ولذلك ينبغي التركيز على هذا الجانب؛ كون إزالة آثاره المدمرة بات مسؤولية تلك الأحزاب، ولأن التباطؤ في إنجاز هذه المهمة يحتمل التأخير أو ممارسة المزيد من التعبئة العدوانية. ولعل المجتمع الإقليمي والدولي قد أدرك هذا الخطر على النسيج الاجتماعي في اليمن، وربما كانت مبادرته لمساعدة اليمن لا تخرج عن هذا النطاق الإنساني. لقد أفرزت الأزمة السياسية مخلفات شديدة الخطورة على المجتمع وأمنه واستقراره ووحدته؛ ونظراً لخطورة تلك الإفرازات العدوانية الحاقدة فإن المطلوب تضافر الجهود الوطنية والإنسانية في سبيل التخلص من تلك الإفرازات، الأمر الذي يؤدي إلى عودة من ملأت عقولهم وقلوبهم بالحقد والكراهية إلى الصف الوطني والإنساني. فهل تدرك الأحزاب السياسية أهمية ذلك؟ نأمل الإسراع بهذا العمل الديني والوطني والإنساني بإذن الله.