تُظهر بعض القوى السياسية نوعاً من المكر الذي تظن - وإن بعض الظن إثم - أنه يحقق لها مكاسب سياسية على حساب الدين والوطن والقيم الإنسانية، فيراها المحللون السياسيون تضع رجلاً هنا ورجلاً هناك وتباعد بين المسافات، الأمر الذي يجعل السواد الأعظم من الشعب حذراً من هذا النوع من التعامل مع آمال وجراحات الناس. ويظل الإنسان - بفطرته البريئة - على يقين بضرورة الوفاء بالعهود والمواثيق؛ لأن ذلك أصل في دينه ووطنيته وأخلاقه، ولا يقبل بمن يخون العهود والمواثيق ويحاول إبهام الآخرين بأن سلوكه لا يسير في هذا الاتجاه الخطير. يبدو أن بعض القوى السياسية - التي تمارس الخداع في خطابها الديني والإعلامي والسياسي - لم تستفد من تجارب الماضي، ولم تفعّل العقل، بل تصر على العمى الكلي في البصر والبصيرة على حد سواء، ولذلك يجدها المحللون السياسيون تستقطب المصابين بالوهم والهوى الشيطاني والدين.. يجيدون الكذب والزور والبهتان والبراعة في الغواية من أجل الانتقام الشخصي والرغبة المطلقة في الإيغال في أذية خلق الله لإشباع رغبة الساديين الذين يمولون ويسيرون أصحاب الهوى العدواني. إن إصرار بعض القوى السياسية على المكر والخداع يجعلها تقدم برهاناً عملياً للعالم بأنها قوى لا تؤمن بالتعايش السلمي ولا تقبل بالتداول السلمي للسلطة ولا تؤمن بمبادئ الديمقراطية ولا تحترم الإرادة الكلية للشعب، وهذا السلوك الهمجي يجعل الشعب شديد الحرص على عدم القبول بعناصرها مهما لبست من أقنعة؛ لأن الأزمة السياسية قد كشفت زيف تلك الأقنعة، ولم يعد بالإمكان خداع الشعب. إن من يفكر في القفز على إرادة الشعب وسلب حريته واغتصاب إرادته لا مكان له في حياة اليمنيين على الإطلاق؛ لأن اليمنيين أصحاب حكمة وأهل إيمان، لديهم القدرة الكافية التي تجعلهم قادرين على التمييز بين الفاجر والحكيم. ولذلك ينبغي على القوى السياسية أن تتعامل مع الشعب بما يحقق الاحترام الكامل للإرادة الكلية للشعب، ويجسد الوفاء بالمواثيق والعهود على أرض الواقع؛ لكي تستفيد ثقة الجماهير، أما أساليب المكر والخداع فلم تعد تنطلي على الشعب الذي يستمد قوته من إرادة الله سبحانه وتعالى. فهل ستدرك القوى هذه المعاني والدلالات الدينية والوطنية والإنسانية؟ نأمل ذلك بإذن الله.