لم تدرك بعض القوى السياسية أن السياسة إدراك فن الممكن، ولم تتفهم أن الحياة السياسية قائمة على الحوار واحترام الرأي الآخر، بل إن ذلك البعض من القوى السياسية قد أصيب بحالة من الغرور الذي ساقه عدد من عناصرها التي لا تمتلك قدراً من الخبرة السياسية. والأكثر من ذلك أن البعض من ذلك البعض قد ألغى عقله وأغوته المادة، وعاش في وهم أبعده عن الشعب والإرادة الكلية، وقد أغلقت أمام ذلك البعض نوافذ الحصول على المعلومات، ولم يعد يتلقى المعلومة إلا من نافذة واحدة، عملت هذه النافذة على تجهيله وغيبت عنه المعلومة الصحيحة ومنعته من الحصول عليها. إن حالة الغرور والشعور بالعظمة قد استفاد منها الانتهازيون داخل تلك القوى وعملوا على تمجيد الغرور واستخدموا أساليب عديدة في سبيل غواية بعض العناصر التي تتكئ عليها القوى الظلامية التي تريد الوصول إلى السلطة عبر الانقلاب على الشرعية الدستورية. ولم يقف مستوى الغواية عند عناصر توفرت فيها حالة الشعور بالنقص، بل تعدى ذلك الأمر إلى أن وصل إلى الشباب الذين قبلوا على أنفسهم أن يكونوا مطية للقوى الظلامية التي تريد أن تدمر مكتسبات الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والوحدة، وقبل البعض من الشباب أن يكون مسيراً وتنازل عن حقه الذي منحه الله سبحانه وتعالى وهو حق الاختيار. إن التغرير والتغريد خارج سرب الوطن قد قاد ذلك البعض إلى استدعاء العالم الخارجي ضد الوطن، وظهرت أصوات الحاقدين على أمن واستقرار ووحدة اليمن تنادي للاستقواء بالخارج، بل وتشرعن لأعداء الأمة العربية والإسلامية احتلال اليمن، وتقدم أطروحات بأساليب ماكرة، انخدع بها بعض الشباب الذين لم يدركوا أهمية الولاء للوطن الذي هو ولاء لله ثم للوطن، وأن الحفاظ على الوطن حفاظ على الدين، وأن التخلي عن الوطن تخلٍّ عن الدين. إن محاولة القوى الظلامية هدم الأفكار الوطنية في أذهان الشباب بأساليب المكر والخداع دليل قاطع على عدم إيمان هذه القوى بالدين والوطن، وأن الدين والوطن لدى تلك القوى الظلامية هو مصالحها الشخصية والعنصرية فقط. ولذلك فإن الواجب يحتم على العقلاء والوطنيين الشرفاء داخل تكتل اللقاء المشترك إعادة النظر في خطابهم السياسي والإسلامي والديني بما يحفظ للوطن أمنه واستقراره ووحدته ويجنبه الوقوع في الحروب والصراعات التي تخدم أعداء الأمة، وأن تتكاتف الجهود الوطنية من كل الأطراف من أجل تجاوز الأزمة بإذن الله.