يرى المفكرون السياسيون عبر العصور المختلفة أن العودة إلى الشعب حق طبيعي لكل المؤمنين بالفطرة الإنسانية وكل المؤمنين بالتداول السلمي للسلطة ,ولاينكر ذلك الحق إلا من غلبت عليه شقوته وأغواه الشيطان وقاده إلى مهاوي الردى, ولذلك نجد أن المفكرين في العلوم الإنسانية قد أجمعوا على حق الشعب في المشاركة السياسية، ولم يقبل أحد بشرعية الانفراد بالسلطة إلا لظروف ومدد محددة تزول الشرعية بزوال تلك الظروف.. إن الله سبحانه وتعالى لم يجعل السلطة حكراً في أحد أو فئة أو جماعة بعينها , وإنما أمر بالشورى التي تعني المشاركة السياسية لكافة عناصر المجتمع وكل قادر على طرح الرأي ,ولذلك لايجوز الادعاء بأن قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية - على سبيل المثال في بلادنا اليمن هم وحدهم القادرون على صنع القرار أو أنهم أوصياء على الشعب ,لأن مجرد القول بذلك يعد تعدياً صارخاً على حقوق السواد الأعظم من أفراد الشعب ,ومحاولة لاستعبادهم وفرض الهيمنة عليهم ,ناهيك عن أن ذلك يندرج في إطار الغرور والشعور بالعظمة, ومحاولة تجهيل الآخرين أو الانتقاص من امكاناتهم وقدراتهم ,بل أن ذلك تعد على الحقوق الطبيعية للبشر. إن المشاركة السياسية الشعبية عبر الانتخابات ليست حاجة ترفية على الاطلاق ,بل هي ضرورة حياتية تصنع الرضا والقبول وتحقق الأمن والاستقرار وتعزز الوحدة الوطنية , وتجذر الشعور بالمسئولية وتقضي على التواكل وتعطي الفرد في المجتمع حقه المطلق في الاختيار الحر الذي يحقق الإحساس لدى الأفراد في المجتمع بأنهم أفراد فاعلون ومساهمون في صنع القرار السياسي لمستقبل الشعب ,ويخرج الأفراد من خانة التسيير إلى خانة التخيير ,ليدرك كل فرد في المجتمع أنه مخيّر في أعلى مستوى الحرية ليقول رأيه في صنع الحياة السياسية المستقبلية ويعبر عن ذاته ووجوده. إن الاصرار على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد في 27 أبريل 2011م ينطلق من هذا الاتجاه الذي ينسجم مع الفطرة الإنسانية ويحترم الإنسان الذي منحه الخالق جل وعلا الحرية وحق الاختيار ,ولذلك فإن الحكمة اليمانية لاتخرج عن هذا الإطار ولايتجاوز الإيمان باصرارها على إجراء الانتخابات في الموعد المحدد , بل إن ذلك التزام شرعي ودستوري ينبغي القيام به كونه يحقق الإرادة الكلية للشعب وهو ما نحن مقدمون عليه بإذن الله.