إن التفكير المستنير في المصالح العامة للناس كافةً لا يتم إلا لدى الخيرين من البشر الذين يمتلكون عين الحقيقة من وجود الإنسان الذي ميزه الله سبحانه وتعالى وكلفه بالاستخلاف لإعمار الأرض بما يرضي الله تعالى ويحقق الخير العام للإنسانية، ويرفع عنها الضرر الذي قد يحدث، إما بسبب تمرد الإنسان على الإرادة الإلهية نتيجة غواية الشيطان لذلك الإنسان الذي انساق إلى طريق الشر الذي تعهد برسمه الشيطان، أو بسبب الظروف والظواهر الطبيعية مثل الكوارث الكونية، أما الذين تنازلوا طواعية عن ميزة العقل والمنطق والحكمة وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مجرد أداة بيد الشيطان، فإنهم خارج نطاق التفكير المستنير بسبب تعطيل العقل وتجميد العمل به والقبول بتسيير الشيطان لهم، ولا ينتظر منهم غير الفعل الشيطاني الذي يستهدف كيان الجنس البشري بالضرر. ولئن كان ذلك هو حال الذين تعرضوا لعوامل المسخ الشيطاني، إلا أنهم عدد قليل لا يمثلون الإرادة الكلية للمجتمع، الأمر الذي يستدعي الوقوف من الكافة لمنع هذيانهم ومحاولاتهم تمزيق وحدة الصف والحيلولة دون انتشار سمومهم في الكون حفاظاً على العنصر البشري المستنير الذي يسعى لاعمار الأرض وتحقيق التعايش السلمي داخل مكونات المجتمع الإنساني. إن ابتلاء البشرية بظهور عناصر عدوانية ظاهرة تاريخية لا تخلو منها مرحلة من مراحل تطور الحياة السياسية والاجتماعية للجنس البشري، وقد أجمع المفكرون في مختلف العصور على ضرورة استخدام القوة ضد الخارجين على الإرادة الكلية للمجتمع حمايةً للسلم الاجتماعي ومنع الانحراف، ولعل ما نشاهده اليوم في بلادنا من حركات عنصرية شيطانية وأفعال إجرامية، ومحاولات كيدية لتدمير المجتمع لا يخرج عن هذا النطاق التاريخي لفعل الشر وأعوانه، ولذلك لا يجب السكوت على مثل تلك الأفعال الإجرامية مهما كانت صغيرة، لأن تأثيرها على السلم الاجتماعي سيكون كبيراً، وهنا ندعو الذين غرر بهم الشيطان وزين لهم فعل الإجرام إلى العودة إلى جادة الصواب ونأمل الاستجابة بإذن الله.