لم تقف تصورات المفكرين عند حدود معينة بخصوص التطور التاريخي للدولة، وكان المفكرون والفلاسفة في المدرسة التقليدية يرون بأن الدولة ضرورة حياتية نشأت مع تطور الإنسان، وفرضت الحاجة على الجنس البشري هذه الضرورة، لكي يحيا الإنسان في أمن وسلام، ولكي لا يطغى الإنسان على أخيه الإنسان،وأن الناس اختاروا قيام الدولة وشكلوا لها هيئة عليا ومنحوها سلطة عليا وأعطوها الحق في استخدام القوة لمنع العدوان وأن حاجات الناس المتعددة ورغباتهم المتفاوتة جعلتهم يتفقون على إنشاء الدولة بالرضا والاختيار وقد أصبح في منظور كثير من الباحثين أن نشوء الدولة عقد اجتماعي تنازل فيه الأفراد للهيئة العليا عن حق استخدام القوة من أجل حماية المجتمع من فساد الإنسان. ويرى كثير من الفلاسفة والباحثين السياسيين أن عناصر في المجتمعات البشرية تظهر بين الحين والآخر تميل إلى استخدام القوة ضد الآخرين ويرون أن هذه العناصر شريرة ولا تؤمن بالتعايش السلمي مع الآخرين نظراً لنزعتها العدوانية، ولذلك فإن الدولة معنية بمنع عدوان مثل هذه العناصر على المجتمع ولها حق استخدام القوة من أجل فرض السلام الاجتماعي. إن ظهور عناصر عدوانية وشريرة تحاول تهديد حياة الناس كافة ظاهرة تاريخية تحدث عنها التاريخ وقاوم دعاتها المفكرون والفلاسفة، وتصدى لها المجتمع، وما تشهده المجتمعات البشرية اليوم من عناصر الإرهاب والتمرد لا تختلف عن تلك الظواهر القديمة التي نغصت العيش وأقلقت أمن المجتمعات وأشعلت الفتن والحروب، وفي كل تلك المراحل من تطورات الحياة البشرية كانت الدولة هي التي تتولى القضاء على مثل هذه العناصر من خلال مؤسساتها المختلفة. ولئن كانت عناصر الشر قد ظهرت في مجتمعنا اليمني اليوم وأقلقت الأمن والاستقرار وعاثت في الأرض فساداً واستباحت دماء الناس فإن واجب الكافة الوقوف إلى جانب الحكومة في سبيل اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمنع عدوان هذه العناصر على المجتمع، لأن استمرار عدوان هذه العناصر الإرهابية والتخريبية الشريرة يهدد كيان الدولة ويعرض الوطن للخطر، ولذلك لا يجوز السكوت على هذا الفعل الإرهابي الإجرامي من أجل حماية المجتمع والانتصار للإرادة الكلية التي ترغب في السلام والتعايش السلمي، وهذه الإرادة هي الحق الذي أمر به الله سبحانه وتعالى وما دونها هو الشر والعدوان ينبغي القضاء عليه بإذن الله.