لا يجوز التفكير بغير الحق أو السعي إلى الباطل أو التعصب مع الفوضى أو مجرد التفكير في ذلك, إن الواجب الشرعي يفرض على الإنسان التوجه نحو الصالح العام, ولو كان ذلك على حساب منافعه الخاصة ؛ لأن الميل العدواني إلى تحقيق المنافع الخاصة بالقوة وعلى حساب الصالح العام يخرج الإنسان من كونه إنساناً يتصف بالأخلاق الحضارية الإنسانية, يحب لأخيه الإنسان ما يحبه لنفسه.. إلى دائرة الوحشية القائمة على العدوانية وقتل الآخر وعدم التعايش معه, وبذلك يصبح المجتمع في حالة من الخوف وعدم الاستقرار, وهذا ما فكر فيه السياسيون والفلاسفة في العصور القديمة عندما طالبوا بضرورة وجود الدولة التي تمتلك السيادة ولديها القوة التي تمكنها من فرض هيبتها وسط سلطانها ومنع اعتداء الإنسان على أخيه الإنسان وتحقيق العدالة بين مكونات المجتمع.. إن واقع الحال اليوم لا يختلف كثيراً عن واقع الحياة التي عاشها المفكرون والسياسيون الذين نادوا بضرورة فرض هيبة وسلطات الدولة, فالأحداث الإرهابية الدموية مازالت موجودة, والتخريب والتدمير والنزعة العدوانية والعنصرية ودعاة الفتن والشرور لم تختف أو تزول من المجتمع, بل ربما أشد وأنكى مما كان في الماضي, وما لم تقم الدولة بواجباتها الدستورية في حماية كيان الدولة من عناصر هذه الأفعال الإجرامية والإرهابية فإن المجتمع في خطر على أمنه واستقراره. وبناءً عليه فإن الضرورة الشرعية الحياتية تفرض على الدولة التحرك لحماية كيانها الذي يهدده دعاة العنصرية والمناطقية والتخريب والإرهاب, وينبغي عليها الضرب بيد من حديد كل من يهدد كيان الدولة أو يعتدي على السلام الاجتماعي؛ لأن هذا الواجب من أقدس الواجبات التي ينبغي على الدولة القيام بها ولا يجوز التساهل في ذلك, لأن الخطر يهدد الكافة التي توخت سلطة الدولة باتخاذ اللازم لحماية كيانها وصوت السلم الاجتماعي ومنع الاعتداء وفرض سيادة الدستور والقانون. ولئن كنا قد قلنا ذلك مراراً وتكراراً فإن ذلك دليل على الشعور بالمسئولية تجاه الدولة والمجتمع؛ لأن السكوت على شرور أصحاب النزعات العدوانية الذين لا يقبلون التعايش مع غير أنفسهم المريضة جريمة, على اعتبار أن كل فرد في المجتمع مسئول, وينبغي أن يقول الحق والصواب حماية للسلم الاجتماعي وتبصيراً للمجتمع بأهمية مواجهة نوازع الشر والفتنة لحماية الكل بإذن الله.