يأتي في مقدمة أولويات الإنسان الأمن، باعتباره الركيزة الأساس في تحقيق الآمال والطموحات المشروعة, ولا يستطيع العقل المستنير التفكير والإبداع في الأجواء غير الآمنة، بل الإنسان البسيط الباحث عن لقمة العيش اليومية لا يستطيع مواصلة البحث عن لقمة عيشه, دون وجود الأمن الذي يوفر له الحماية, ويهيئ له الحركة والانتقال من مكان إلى آخر، ويحمي أسرته وبيته.. ولذلك يرى المفكرون والفلاسفة منذ فجر التاريخ القديم أن قيام الدولة وتفويضها حق استخدام القوة من قبل الناس، كان ومازال وسيظل ضرورة حياتية لا تستقيم شئون الحياة بين بني الجنس البشري بدون ذلك. إن المهمة الأساسية للدولة لدى المفكرين هي القيام بالحماية, وتأمين حرية الحركة بين الناس والسيطرة المطلقة بالقوة على كافة الرقعة الجغرافية للدولة, وفرض الدستور والقانون على الكافة، بل إن المفكرين السياسيين يرون أن مبدأ المساواة والعدالة لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل سيادة الدستور والقانون على الكافة، لأن جوهر الدستور والقانون يمثل الإرادة الكلية للشعب. إن تجارب الحياة السياسية للدول قد أعطت دروساً بالغة الأهمية، ينبغي الاستفادة منها وعدم إهمالها أو تجاهلها، ومن تلك الدروس التي ينبغي عدم إغفالها فرض سيادة الدستور على الرقعة الجغرافية كاملة للدولة وبسط سلطانها دون هوادة، وعدم السماح لأصحاب النزعات الفردية والعدوانية بالاعتداء على الناس، وإقلاق حياتهم, أو محاولة سلب أرزاقهم, أو نهب ممتلكاتهم, أو إعاقة نشاطهم اليومي، أو تهديد حياتهم, أو ابتزازهم, لأن حماية الأمن وتحقيق الاستقرار من أعظم مهام الدولة. لقد أعطت الأحداث اليومية مؤشراً واضحاً على أهمية توفير الأمن والاستقرار، ففي المناطق التي يجد فيها العابثون والنفعيون وتجار الحروب والعدوانيون فرصة لزعزعة الأمن والاستقرار, يحوِّلون حياة المواطن إلى جحيم, ويمنعونه من ممارسة نشاطه اليومي، بل وينهبون مدّخراته وبيته, ويحوِّلون الناس إلى عبيد يُنكِّلون بهم، ويسومونهم سوء العذاب، كما حدث في مديريات محافظة صعدة, أو بعض المناطق في أبين ولحج والضالع، وعندما تفرض الدولة سلطانها, وتقوم بواجب الحماية وضبط العناصر المتمردة على الدستور والقانون, يسود الاستقرار ويتحقق الأمل في الحياة الكريمة والآمنة، ولذلك سنظل نطالب - وبقوة - بضرورة فرض هيبة الدولة وسلطانها, لأن ذلك من أقدس واجبات الدولة ونقف إلى جانبها بإذن الله.