لم يكن تفكير الفلاسفة عبر مراحل التاريخ عبثياً في شأن الغاية أو الهدف من وجود الدولة ، فقد أجمع المفكرون عبر العصور المختلفة أن الغاية من وجود الدولة هو من أجل الحياة واستمرارها وديمومتها من الحياة الأفضل. وإذا كانت هذه الغاية قد مثلت إجماع المفكرين والفلاسفة ، فإن ذلك يعني أن الدولة معنية بصون الحياة وتطورها ، وأن أي تخاذل في تنفيذ هذه الغاية يعني فشل الدولة في تحقيق الغاية من وجودها ، ولكي تحقق الغاية من وجود الدولة على الوجه الذي يحقق رغبة وآمال وتطلعات الناس كافة فإن أبرز مهمة أمام الدولة ينبغي تحقيقها للجماهير هي فرض الأمن والاستقرار وبسط سلطان الدولة وهيمنة الدستور والقانون على كل شبر فيها. إن الدولة هي الإرادة الكلية للشعب التي منحتها القوة والسلطان وينبغي لها منع الاختلالات الأمنية وضرب عناصر التخريب بقوة ، وملاحقة الخارجين عن الدستور والقانون وإنزال أقصى درجات العقوبة لكي تتحقق عبرة للآخرين ، بمعنى أكثر تحديداً إن مهمة توفير الأمن والاستقرار من أقدس الواجبات وأعظم الغايات التي ينبغي للدولة القيام بها ، والأمن والأمان من الأولويات الأهم وجوباً والأكثر ضرورة في الحياة اليومية ، ولذلك ينبغي أن نجعل من هذه الغاية هماً يومياً ودائماً ، لأنه إذا حدث إخلال بأداء هذه الغاية الحياتية يستحيل على الدولة القيام ببقية المهام الأخرى التي ينبغي القيام بها . إن تفويض الشعب للدولة بحق استخدام القوة لحماية الكل من تمرد البعض يأتي من النظرة الممثلة للسواد الأعظم، من العناصر البشرية المكونة للدولة، وإيماناً من هذا السواد بوجود عناصر شريرة في مجتمع الدولة يسعون للخراب والدمار وإفساد المجتمع وتفكيك قوة وهيمنة وسلطان الدولة لأنها ضد رغباتهم الشيطانية فقد فوض هذا السواد الأعظم الذي يمثل الإرادة الكلية لشعب الدولة حق استخدام القوة والضرب بيد من حديد الدولة ، ليمكنها من الحفاظ على أمن واستقرار الكافة ومنع عبث القلة المتمردة على الدستور والقانون. إن المفكرين على مر التاريخ يطالبون الدولة القيام بواجباتها الدستورية التي خولها الشعب ، ولا يجوز التقصير في أداء هذه المهمة ، وقد اعتبر المفكرون الحياة الآمنة والمستقرة والمتطورة لا تأتي إلا في ظل دولة قادرة ومقتدرة على فرض سلطانها على الكافة دون استثناء ، فهل تدرك الدولة غايتها ؟ نأمل ذلك بإذن الله.