لقد أحسن وأجاد وأبدع أيما إحسان وأيما إجادة من أطلق على هذه الجمعة جمعة الوحدة وهذه هي القراءة الوطنية الحقيقية للتاريخ ومنعطفاته الوطنية ومحطاته النضالية في سفر كفاح ونضال شعبنا اليمني العظيم, خصوصاً ونحن نعيش الآن في مايو الوحدة، مايو الثورة، مايو الكفاح، مايو المجد والخلود، مايو العز والرفعة والكبرياء للشعب اليمني العظيم الذي أعلن وحدته الخالدة في الثاني والعشرين من مايو المجيد يوم الأيام وعيد الأعياد وغرة أيام نضالات وتضحيات الشعب اليمني العظيم الذي يبدي التفافاً كبيراً وواسعاً حول قيادته السياسية والشرعية الدستورية رافضاً وبكل قوة وعزم وإصرار كل أشكال الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية رافضاً الفوضى والفتنة ومخططات جر البلاد إلى أتون حرب أهلية نحن في غنى عنها لو أن أحزاب اللقاء المشترك ومن تخالف معهم فكروا ولو بقليل من العقل والحكمة والبصيرة وراجعوا أنفسهم وعادوا إلى جادة الصواب وجلسوا مع إخوانهم في الحزب الحاكم على طاولة الحوار لإحياء العملية السياسية وتحقيق التغيير في إطار الدستور والعملية الديمقراطية. إن العقلاء من أبناء شعبنا اليمني في مختلف أرجاء الوطن يدركون جيداً ويعون تماماً حجم الأخطار الفادحة التي باتت تهدد أمن الوطن واستقراره وسلامة أراضيه ووحدته الوطنية ومستقبل أجياله الصاعدة إذا استمر التصعيد والتخندق السياسي والحزبي ودفع الأمور نحو الهاوية لفتح أبواب جهنم على الوطن وعلى جميع أبناء الشعب اليمني الذي يتطلع إلى حياة آمنة ومستقرة في ظل نظام سياسي ديمقراطي تعددي يتداول الشعب فيه السلطة سلمياً من خلال الصندوق والانتخابات الحرة والنزيهة, ولذا فإن على جميع القوى والأطراف السياسية المختلفة ترك سياسة التصعيد والصدام وتبادل الاتهامات والتخلي عن التمترس الحزبي والعناد غير المجدي في الإصرار على تركيع الحكومة وإجبارها على تسليم نفسها صاغرة ذليلة في محاولة واضحة لفرض وإملاء إرادة سياسية معينة على الحكومة بعيداً عن الأطر الديمقراطية والدستورية والشرعية والقانونية. إن الإقدام على انتهاج أسلوب تأجيج الأوضاع وتحريض الناس على العنف والخروج والتمرد على الدولة ونشر الفوضى والفتنة للوصول إلى السلطة وإجبار الحكومة على الرحيل, أمر في غاية الخطورة وقرار غير حكيم في بلد عُرف أهله عبر التاريخ بالحكمة والعقل واللين, ذلك أن تبعات مثل هذا الخيار ستكون الكارثة أو بمثابة تسو نامي مدمر كذاك الذي ضرب اليابان مؤخراً وحولها إلى بلد منكوب اقتصادياً وبيئياً وبشرياً على المدى الطويل بسبب التلوث الإشعاعي الذي تسرب ومازال يتسرب من محطاتها النووية التي تضررت بسبب ذلك التسونامي المرعب, لذا فإن قيادات الأحزاب السياسية والقوى القبلية والعسكرية مدعوون اليوم للتفكر والتأمل ومراجعة النفس والتغلب على أهوائها ونزعاتها الشريرة والاستجابة لصوت العقل والحكمة واتخاذ القرار الصائب والخيار السليم في العودة إلى القنوات الديمقراطية الحضارية والمدنية الرائعة التي تتجلى سماتها الإيجابية في المشاركة السياسية والممارسة الديمقراطية القائمة على الانتخاب الحر كوسيلة حضارية للتداول السلمي للسلطة. إن اللجوء إلى التصعيد والعنف في بلد يعيش تجربة ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى تطوير وتعميق وترسيخ من خلال الممارسة, أمر يبعث على الحزن الشديد ويصيب بالإحباط وخيبة الأمل لدى كل يمني وعربي وأجنبي متحمس للديمقراطية وتجربتها الفتية عندما يرى أبناء اليمن يتخلون بسرعة عن هذه التجربة ويقررون حل خلافاتهم السياسية بالعنف والسلاح والقوة والغلبة بدلاً من التنافس السياسي الديمقراطي السلمي الذي يقوم على الإقناع بالبرامج السياسية للأحزاب المتنافسة على نيل ثقة الشعب مصدر السلطة ومانحها لمن يراه الأجدر والأفضل, لذا فإن لا أحد سيجد مبرراً لمن يريد الانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية والثوابت الوطنية, باللجوء إلى القوة والعنف لاغتصاب السلطة وانتزاعها من الأغلبية وعزلها, مما يجر البلاد إلى أتون حرب أهلية مدمرة تحرق الأخضر واليابس وتخلف المآسي والكوارث على حياة الشعب بكامله وكيف يهنأ بالحياة من يريد حكم الشعب على أشلاء الأبرياء ودماء البسطاء من أبنائه الذين سيكونون حطباً ووقوداً لخيار القوة والغلبة. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]