الثاني والعشرون من مايو 1990م ميلاد جديد لليمن أرضاً وإنساناً ودولة, ميلاد انبلج فيه فجر جديد استطاع فيه اليمنيون صنع الحياة السياسية الجديدة, وفتح فيه اليمنيون باب المشاركة السياسية الواسعة, وحطم فيه اليمنيون قيود الانكسار, وأزال فيه اليمنيون حواجز الحدود الوهمية, وتحرروا فيه من وهم التشطير وذل الانكفاء, وجور الانعزال, وبنى اليمنيون في هذا اليوم المجيد جسور الثقة وتخلصوا من حاجز الخوف وقهروا التحديات, وقدموا للعالم نموذجاً حضارياً إنسانياً متفرداً, وأرغموا العالم على احترام السلوك الحضاري والإنساني لليمنيين كافة, إنه يوم صنع فيه اليمنيون ألقاً حضارياً إنسانياً جديداً يضاف إلى سفر الألق الإنساني اليمني المتجدد. إن احتفال اليمن بالعيد الحادي والعشرين لقيام الجمهورية اليمنية علامة فارقة في تاريخ الفكر السياسي المعاصر, لأن اليمن قد برهن للعالم أن الوحدة اليمنية عامل أمن واستقرار, وبرهن اليمنيون في هذا العام على المستوى الحضاري والإنساني الذي برز في إيمان الأغلبية السامقة بالسلوك الديمقراطي الحضاري, وبالإصرار غير المسبوق على حماية الشرعية الدستورية, ورفض الانقلابات والفتن والتخريب والتدمير, الذي ابتدعته قوى الكيد السياسي التي لم تؤمن بالديمقراطية والتعددية السياسية سلوكاً وممارسة، القوى التي مازالت مشدودة إلى الماضي الهمجي والغوغائي, ماضي الجرعات الدموية والتسلط الفردي أو السلالي أو الفئوي أو الشللي. إن السلوك الحضاري والإنساني الذي أظهره اليمنيون في الدفاع عن الشرعية الدستورية والتجربة الديمقراطية واحد من الدلائل والمعاني الإنسانية الحضارية التي يتميز بها الاحتفال بالعيد الواحد والعشرين للجمهورية اليمنية, لأن حشود الملايين من أبناء اليمن في ميدان السبعين في كل جمعة من أعظم الرسائل الإنسانية التي تعبر عن المستوى الحضاري لإنسان اليمن اليوم, وتعطي دلالة قطعية على أن اليمنيين يرفضون مؤامرات الانقلاب على الشرعية الدستورية, لأن زمن الانقلابات قد ولّى وإلى غير رجعة بإذن الله, ولعل رسالة اليوم في جمعة الثاني والعشرين من مايو إلى العالم ستكون من أبلغ الرسائل الحضارية والإنسانية التي تؤكد إيمان اليمنيين بالشرعية الدستورية والديمقراطية, والتي نأمل أن يفهمها العالم بإذن الله.