إن دراسة البعد التاريخي للتجربة الديمقراطية في اليمن يوضح الجذور التاريخية للديمقراطية التي مارسها اليمنيون منذ آلاف السنين قبل ميلاد المسيح عليه السلام، ويظهر الصورة الإنسانية التي تميز بها اليمنيون، وأنهم دعاة سلام ومحبة ووئام، وليسوا دعاة تخريب وتدمير على الإطلاق. فلو وقف الباحثون المنصفون الموضوعيون عند قول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز، حيث قال تعالى على لسان اليمنيين - بعد أن عرضت عليهم الملكة موضوع رسالة نبي الله سليمان - فكان الرد على النحو التالي: قال تعالى: (قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين)، فهو شعب امتلك القوة ولكنها القوة العاقلة، وهو شعب التزم بنتائج الشورى والديمقراطية وأعطى تفويضاً مطلقاً للملكة. إن دراسة هذا السلوك الإنساني لليمنيين يجسد المعاني والدلالات للعمق الحضاري الإنساني للتاريخ السياسي في اليمن، ويلغي المقولات غير الموضوعية التي يحاول إثارتها بعض الحاقدين على الحضارة الإنسانية اليمنية، ويعطي دليلاً أن عناصر الشر والحقد تعمل باستمرار من أجل زعزعة الأمن والاستقرار، وهي عناصر لا تمثل الإنسان اليمني، ولكنها عناصر شاذة لا تمثل إلا نفسها. وقد أثبت التاريخ السياسي القديم والمعاصر في اليمن أن التخريب والتدمير والإرهاب لا تقوم به إلا القوى الظلامية التي تعتنق أفكاراً لا تخدم الإنسانية ولا تقبل التعايش مع الغير ويرفضها الشعب اليمني رفضاً قاطعاً، فتحاول تلك القوى فرض أفكارها بالقوة والجبروت. إن دراسة البعد التاريخي للتجربة الديمقراطية في اليمن يعطي المعاني والدلالات الإنسانية لإصرار اليمنيين اليوم على الشرعية الدستورية وحماية التجربة الديمقراطية واحترام الإرادة الكلية للشعب. ولذلك على العالم أن يدرك هذه المعاني والدلالات، ويقدر المستوى الحضاري والإنساني الذي يتمتع به اليمنيون من أجل الحفاظ على الشرعية الدستورية بإذن الله.