لا تغضب المرأة كما يغضب الرجل سواءً في حدة الغضب أو طرق التعبير عنه لأن تركيبها النفسي والجسدي يختلف عن فسيولوجية الرجل وبيولوجيته المركبة من عناصر الجرأة والقوة والقدرة على التكيف والحذر أيضاً،فحين تغضب المرأة لا تفكر في الانتقام المباشر إنما تحاول طهي رغبة الانتقام على نار هادئة جداً حتى تشعر بلذة الانتصار على العدو سواءً كان رجلاً أم امرأة. ولعل حقدها على بنات جنسها أكبر منه بالنسبة للرجل الذي تعجز أمامه أحياناً عن اختيار الطريقة المناسبة لرد الصفعة ناهيك عن اضطرارها غالباً لإدراجه ضمن خانة العدو الصديق الذي تستخدمه كورقة رابحة بالنسبة لها لكن دون أن يشعر، والمرأة الغاضبة لا تفرق لحظة الغضب بين الثأر لنفسها كإنسانة أو الثأر لذاتها كأنثى خاصة حين تكون فرداً في مجتمع يطبل للذكورة ويعزف على أوتار الفحولة ويراها سقطاً من متاع.غضب المرأة ينطوي على الكيد والتكتيك واقتناص الفرص مدعوماً بالغواية والإغراء كسلاح فتاك اشتهرت به بنات حواء منذ القدم.النساء لا يجرؤن في الغالب على حمل السلاح والسبب لأنهن يشعرن أن أسلحتهن الطبيعية أشد فتكاً من تلك المعبأة في أقماع حديدية متخثرة بجمود! ولهذا يقال: أن المرأة عندما تحب تتذكر كل شيء لكنها عندما تغضب تنسى كل شيء حتى ذلك الحب الذي ملأ قلبها يوماً ولهذا لا يؤخذ كلامها عند الغضب على محمل الجد بعكس الرجل الذي يعني ما يقول سواءً كان هادئاً أم غاضباً ومن هنا يأتي دور الرجل الذي يجب أن يفهم المرأة تماماً ويعلم أن طبيعتها من الداخل بعكس تلك التي يراها من الخارج فهي عبارة عن باقة متنوعة من الأفراح والأحزان والمشاعر المتوهجة والمتوجسة معاً، باقة واحدة تجمع الدموع والبسمات، الإخفاقات والانتصارات، الجرأة والحذر، الحب والكره، وهذه الباقة تقدمها كسلوك أثناء الغضب دون أن تشعر بما تصنع بينما يبدأ الرجل بالتفكير قبل كل شيء وهذا من أبواب المفاضلة بين الرجل والمرأة لشغل وظيفة القوامة«الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا» ولعل من المهم أيضاً أن يعلم الرجل أن كلمات كثيرة من تلك التي تتفوه بها المرأة عند الغضب هي كلمات لا تقصدها لفظاً وسلوكاً ولكنها غالباً ما تستطيع تجيير المواقف السلبية لصالحها بضعفها ودموعها التي قد تشكل نصاً حقيقياً للمشاعر المختلجة في داخلها. وبالرغم من أنها قد تكون مندفعة في بعض الأحيان إلا أنها تفعل ذلك دفاعاً عن مواقفها وليس كردود أفعال ربما فضحت ما تكنه في نفسها إزاء مواقف الحياة المختلفة لكن هناك ميزة هامة تسم غضب المرأة وهي الصبر والأمر يعود لخوفها الشديد من الخروج عن حدود الأدب والأنوثة كقالب يمنحها إشارة عبور سهلة إلى قلوب الآخرين وعقولهم أيضاً، سواءً كان الآخرون زملاء أم زميلات دراسة ، مجموعة عمل، أفراداً ضمن الأسرة الواحدة.. قد تصبر المرأة طويلاً حتى تدمن الصبر أو يدمنها وقد تصبر استعداداً لتسديد ضربة قوية وقد تصبر لإظهار عدم الاكتراث للأمر أياً كان تأثيره عليها وقد تصبر لحث الخصم على اقتراف المزيد بحيث تعرية تماماً من ثوب البراءة ملبسة إياه تهمة الإساءة إليها وقد تصبر لتحقيق أهدافها والمهم أن صبر المرأة قد يكون نهراً رقراقاً وقد يكون عاصفة هوجاء وفي كل الأحوال على الرجل أن يحذر الهدوء الذي يسبق العاصفة إذا كان يعلم أن له يداً خفية نسجت جراح المرأة وسممت مشاعرها بالألم. وبما أن الماء يطفئ الغضب فإن الحب أيضاً ماء العلاقات البشرية الذي يطفئ احتراق كبريائنا ونزف كرامتنا وتحديداً حين يكون للغضب أسباب مقصودة.. النساء حين يغضبن يطفئن شموع التوسل والاعتذار بينما يغضب الرجل عانياً ليشعل تلك الشموع بشرارة التواصل والمصالحة والفرق كبير بين من يهديك باقة ورد دون أن يبتسم ومن يمنحك زهرة برية واحدة وعيناه تتوهجان فرحاً برؤيتك.