أثبتت الأقدار أن اليمن مشمولة بحفظ الله تعالى كما قال رسولنا الكريم : «إذا كثرت الفتن فعليكم باليمن»، ما يعني أن اليمن مهما تآمر عليها المتآمرون والناقمون الحاقدون فإنها ستظل واقفة لا تهزها الأعاصير ولا تسقطها المحن، فليحفظ الله يمننا ويفك كربنا ويجمع شمل أهلنا في كل ربوع الوطن، ويؤلف بين قلوبنا اللهم آمين. إن نجاة فخامة الأخ رئيس الجمهورية من محاولة الاغتيال الجبانة التي لم تراعِ حتى حرمة بيوت الله كشفت عن الحب الكبير والخوف الذي خيم على أغلب الشعب اليمني عقب إعلان الخبر، حتى ممن كانوا متعاطفين مع ثورة الشباب، ليس لشيء سوى أن الرئيس لا يزال يمثل صمام أمان قوي على الأقل في هذه المرحلة التي يرى الكثيرون أن اليمن لا يزال محتاجاً فيها لحنكة الرئيس وحكمته للخروج بها من نيران الأزمة الحالية التي قد تأكل الأخضر واليابس، بعد أن طغت فيها لغة البنادق والبارود على لغة العقل والحكمة. والمثير في هذه الأزمة التي كشفت عن مخططات الحقد لأحزاب اللقاء المشترك وبعض القوى الناقمة أن الشباب أَُخرجوا من دائرة ثورتهم السلمية المدنية التي نادوا وضحوا من أجلها، ورغم ذلك لا يزالون يراهنون على سلمية ثورتهم التي أصبحت اليوم أشبه بحرب العصابات وتصفية الحسابات، تسعى أطراف الصراع فيها لوأد كل ما تحقق للوطن من منجزات في مجال الحريات والتعددية الحزبية وإرساء قواعد الدولة المدنية التي يبدو أنها ستعود إلى مربعها الأول كما كانت عقب الثورة المباركة القبيلة هي السائدة، بعد أن ظهرت قبيلة الأحمر اليوم مدافعة عن وجودها المتضائل في حربها المعلنة على الدولة، غير آبهة بثورة الشباب ومطالبهم السلمية التي لوثت بدخان الحقد الشخصي على الوطن وأمنه واستقراره وباتت تهدد اليمن للدخول في حرب أهلية بعد أن بدأ السلاح ينتشر بكثافة في صنعاءوتعز ويوحي بتحول خطير في مسار مطالب الشباب السلمية . على الشباب الواعي المستنير وعلى الأخص في تعز أن يعي اليوم خطورة الوضع المتصاعد وعدم الانجرار وراء دعوات التصعيد المسلح التي من شأنها جر البلاد إلى صراعات دموية سيكون فيها الشباب أول الخاسرين لأنهم من فجروا شرارة الأحداث التي قد تقلب الأوراق عكس ما خططوا له وحلموا به، بدليل أن تعز الثقافة والسلام حاملة شعار التغيير السلمي أصبحت وتحت مسمى مسلحي حماة الثورة السلمية قريبة من أن تكون مدينة غير آمنة تروعها أصوات البنادق والقذائف وتنتشر في بعض شوارعها مظاهر حرب الشوارع. إن استقوا بعض زعماء القبائل اليوم ومحاولة الانقلاب على الدولة تحت مبرر الدفاع عن ثورة الشباب هو عودة اليمن إلى الخلف سنوات كثيرة وتحايل على سيادة الدولة التي كفلت للمواطن الأمن والأمان، وحدَت ولو بشكل جزئي من استقواء القبيلة على الحياة المدنية ومن شأنها تأزيم الوضع أكثر مما هو عليه الآن، لأن الانقلاب والتطاول على الدستور والقانون يعني العودة إلى الخلف سنوات عديدة. اليمن اليوم بحاجة إلى العمل على إرساء الحياة المدنية وفرض هيبة الدولة على الكبير قبل الصغير، حتى لا يتحول الوضع إلى مشهد دموي يخشاه الجميع، ويجب أن نأخذ من تونس ومصر وليبيا وسوريا أيضاً أمثلة واقعية حية غير قابلة للتأويل والمغالطة، بل أن المشهد لدينا قد يكون أسوأ حالاً لا قدر الله إذا ما استمرت حالة الاحتقان السياسي في التصاعد. المتابع لواقع القنوات الفضائية يكتشف أن هناك أطرافاً دولية مختلفة تسعى لفرض سيناريو محدد للأزمة اليمنية، من خلال محاولة إقناع المتابع في الداخل والخارج أن النظام اليمني سقط مع خروج رئيس الجمهورية للعلاج، وتأزيم الشارع اليمني أكثر مما هو عليه، والأدهى ما يقوله المحللون اليمنيون الفارغون كالدكتور محمد قباطي والماوري الذين يسفهون المتابع اليمني لأنهم يتكلمون بأشياء خارج نطاق الحقيقة والواقع الذي يفهمه المواطن العادي إن لم تكن بعيدة عن العقل والمنطق، ناهيكم عن المعلومات المبالغة والمغلوطة التي ينقلها بعض مراسلي القنوات الفضائية ومنظري ثورة الشباب، وكأنهم يتكلمون عن أحداث في بلد آخر ومدن غير التي نعرفها ونعيش فيها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.