أصبح مصطلح «سلمية» باعثاً على السخرية والضحك بعد أن قتلت معانيه تصرفات الفوضى والعنف والتخريب والإرهاب ،كما قتلت الأبرياء ، واعتدت على الممتلكات العامة والخاصة ، وقطعت السبل ، وقطعت الأرزاق ، وأزهقت الأرواح ، وأصبح ذلك المصطلح مقلوباً على يد الانقلابيين من أحزاب اللقاء المشترك ومن لف لفهم من العصابات المسلحة سواء منها ذات الصفة العسكرية أو القبلية أو الحزبية. وصار كلما نراه من مظاهر العدوان المسلح هو من صنع الاحتجاجات السلمية التي تارة تحتمي بقوى الإرهاب والعنف ، وتارة تمنح تلك القوى شرعيتها المدنية ومسوغات العدوان والقتل وممارسة العنف ، وأحياناً تقدم التسهيلات الميدانية واللوجستية والبشرية لجماعات العنف وتوفر لهم الغطاء السياسي والمدني. وهكذا تداخلت الأطراف المسؤولة عن العنف ابتداء من الشباب الحزبيين ولجانهم التنظيمية والأمنية المسؤولة عن التخطيط والتحريض في ساحات الاحتجاجات، أو ما تبقى منها ، ومليشيات الأحزاب،وانتهاء بعناصر القاعدة الذين أصبحوا في حماية الفرق المتمردة من الجيش وفي حماية الأحزاب والجماعات المتطرفة ذات الصفة السياسية. وما يلفت النظر هو إصرار جماعات العنف على إطلاق مصطلح «سلمية» ليمارسوا من خلاله كل أنواع التحريض والتسهيلات السياسية للجماعات المسلحة سواء في الحصبة أو في تعز أو في زنجبار ، أو لمفجري جامع النهدين. وحتى الآن لم يتنبه من بقي من الشباب ،وإن كانوا متحزبين للقاء المشترك ، لم يتنبهوا ، إلى خطورة ما يفعلون باعتبار التناقض الصارخ بين ما يفعلون وبين ما يرفعون من شعارات تدعي السلمية وتتخذ من المشروع المدني هدفاً نظرياً لها. لم تعد اللعبة تنطلي على أي يمني بعد ان كشف الغطاء وصار جلياً تضافر جماعات العنف ومشاريعهم الصغيرة والفئوية والحزبية والذاتية ابتداء من ساحات التحريض وانتهاء بساحات المعارك المسلحة والتفجيرات والسطو والنهب والقتل. شاهد الشعب اليمني كله باشمئزاز طقوس الدفن ل 41 من عناصر التخريب والقتل والإرهاب التي مارست كل أنواع العنف في الحصبة ضد المواطنين والمنشآت العامة والحاميات العسكرية والأمنية والمدنية والمرافق الخدمية ، وتعامل الشباب المتحزب معهم باعتبارهم شهداء ، وإذا كان القاتل والمعتدي هو الشهيد فمن تكون الضحية ؟ وما ذا نطلق عليها؟ إن قيام من يدعون تبني المشروع المدني من الشباب المتحزب في شارع الستين بمثل ذلك لهو من الأخطاء القاتلة التي تؤكد للناس ضلوعهم في تقديم تبريرات ومسوغات وتسهيلات وترويج لعناصر العنف والإرهاب، وهذا يجعلهم أمام القانون فاعلين مباشرين، خاصة عندما تتوفر قرائن مثل ما نشرته مباشرة سهيل حول تبشير المصلين في الجمعة التي حدث فيها التفجير الإرهابي والاحتفال والاحتفاء بأن دار الرئاسة يتعرض للقذائف ، ثم ما تلا ذلك من احتفال غير مبرر بجريمة محاولة اغتيال فخامة الأخ الرئيس وكبار رجال الدولة، تلك الجريمة الشنيعة التي قد تقود البلاد إلى حرب أهلية. كل تلك التصرفات غير المسؤولة تضع مشروع من تبقى من الشباب في الساحات الخاوية والمسكونة بالأشباح والخيام الفارغة تضعهم أمام المسؤولية السياسية والجنائية والمدنية إزاء ما يحدث وتدحض دعاواهم السلمية وتضعها في مهب الاتهام المباشر وهي كافية لنسف شرعية ما يقومون به تحت غطاء الحقوق الدستورية التي ينتقون منها ما ينفعهم وما يضر الوطن والنظام والسلام الاجتماعي. إن الشباب اليوم مسؤولون عما يفعلون وسيكونون على ذات المستوى من المساءلة، باعتبارهم غير قاصرين إذا كانوا قد تجاوزوا أعمار الطفولة فوق ال 18 وهم مسؤولون عن كل التبعات التي تساعد أطراف العنف على ممارسة عنفها وتبريره. أما أن نطالب الشباب بوعي أكبر بالمآلات التي يمكن أن تقود إليها عدمية تعاطيهم مع مشاريعهم ، وأهمية أن يدركوا السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تتحكم في المتغيرات الوطنية فذلك من نافلة القول ، كي لا يستمر الشباب في تبرير المشاريع الانقلابية وفي إطلاق الألقاب السلمية على الجرائم التي ترتكب في حق الشعب والنظام تقويضا للسلم الاجتماعي . [email protected]