العملية الانتحارية التي استهدفت عدداً من الآليات العسكرية في جولة كالتاكس بالمنطقة الحرة بمدينة عدن والتي راح ضحيتها أربعة أشخاص بينهم ثلاثة من أفراد الجيش ومواطن صادف مروره بالمنطقة أثناء الحادث بالإضافة إلى إصابة 8 أشخاص (هذه العملية) تضع أكثر من علامة استفهام؟؟ وتوجه أكثر من رسالة ربما نتمكن من قراءتها الآن وقد لا نستوعبها إلا بعد خراب مالطا، سيطرت عناصر القاعدة على مدينة جعار ومن بعدها عاصمة محافظة أبين مدينة زنجبار وصمودها أكثر من شهر في المدينة بل إنها أجبرت بعض الوحدات العسكرية على التراجع في منطقة دوفس تؤكد أن القاعدة لا تعمل وحدها وإنما تعمل في إطار مخطط أوسع ومنظومة سياسية وعسكرية أعدت وتعد للسيطرة على الحكم وإقامة ما تسميه الخلافة الإسلامية. كما أن العملية العسكرية لهذه العناصر والتي استهدفت مدينة الحوطة مع علمها المسبق استحالة سيطرتها على المدينة تأتي في إطار جس النبض لتنفيذ عملية أكبر ربما تستهدف وضع مدينة عدن في حصار من الشرق والشمال يمكنها من السيطرة عليها لاحقاً. ولا يستبعد أن يكون المخطط قائماً على أساس السيطرة على منفذ مائي يمكّن عناصر القاعدة في الصومال وأفغانستان من الانتقال بسهولة ويسر إلى اليمن عبر هذا المنفذ المائي في مدينة أبين بمعنى انتقال القاعدة من الجبال إلى السواحل ومن ثم تنتقل إلى المرحلة الثالثة وهي السيطرة على الممر الدولي للتجارة العالمية عبر باب المندب وخليج عدن. ولايمكن قراءة ما يحدث في أبين بعيداً عن ما جاء في سياق ما يسمى بيان اتحاد العلماء الذي أكدت وزارة الأوقاف عدم شرعيته وقانونيته وإن جاء في إطار الأزمة السياسية التي تشهدها اليمن إلا أن البيان أطلق تحذيراً بشأن ما أسماها التحركات العسكرية الأجنبية التي قال البيان أنهم سمعوا أنها تستهدف غزو البلاد واحتلال الأرض، مؤكداً أن الجهاد يصبح فرض عين على جميع أبناء اليمن القادرين، في الوقت ذاته يخوض الحزب المنتمي له هؤلاء العلماء حواراً سياسياً شرساً مع السفارة الأمريكية ويقدمون لها كل التطمينات حول القاعدة ويقول أحد قيادات ذلك الحزب أنه برحيل النظام لن يكون هناك قاعدة وهي إشارة واضحة إلى إمساك هذا الحزب بخيوط القاعدة. كما أن الوساطة التي قام بها الملا زبارة بين العناصر المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة المسيطرة على مدينة زنجبار وقيادة المنطقة الجنوبية تكشف حقيقة العلاقة بين الحركة الإسلامية التي تدعي العمل السياسي في اليمن وهذه التشكيلات العسكرية المسلحة في مأرب والجوف وأرحب وأبين وخطبتي الجمعة لمحمد الحزمي تزيد من تأكيد تلك الحقائق، الملا زبارة قال إنه توصل لاتفاق مع العناصر المسلحة في زنجبار إلى اتفاق وقف إطلاق النار مقابل انضمام قيادة المنطقة الجنوبية لشباب الثورة وأنهم سيعودون إلى مناطقهم عندما يسقط النظام وهي إشارة واضحة للعلاقة بين القاعدة ومن يمسكون بتلابيب ثورة الشباب. أيمن الظواهري كان في حديث سابق له قد أكد على دعم الثورات الشعبية في المنطقة التي تتزعم هذه الحركات الاحتجاجية ومواقف قيادات تنظيم القاعدة ولا يستبعد أن التنسيق لا يقف عند حدود المواقف السياسية بل يتجاوزها إلى المواقف المسلحة في العديد من المناطق اليمنية وربما يتكرر المشهد في ليبيا وسوريا. هذا المشهد الذي بدأت ملامحه بالظهور يستدعي من كل القوى الوطنية الحية أن تعيد ترتيب مواقفها بعيداً عن الحسابات الضيقة لأن الوطن وطن الجميع وما سيترتب على هذه الأحداث سيدفع بالجميع إلى الغرق ولا تركنوا إلى مواقف حزب قرر إقامة خلافته الإسلامية على أشلاء ودماء اليمنيين ومخططه لم يكن وليد اليوم وإنما يمتد لأكثر من عشر سنوات لأنه يعلم ما يريد واستخدم الجميع.