الاستغلال هو العنوان الأبرز لتجارة هذه الأيام وهو امتداد لسياسة طالما انتهج أصحابها نفس المبدأ في إدارة الصراع في الأزمة الراهنة وفي أزمات مضت .. هذا الاستغلال بشقيه السياسي والتجاري أوصل البلد والناس إلى حالة مخيفة من العيش وفتح أبواباً للشر قابلة للزيادة . مايحدث اليوم من استغلال للظرف لزيادة الأرباح ينم عن بشاعة أولئك الذين يمارسون هذا النوع من السياسة والتجارة ، ويُسقط عنهم كل القيم النبيلة والدينية ، لأنهم يتاجرون بأوجاع الناس وآلامهم بصور لم نشهد ولن يشهد المستقبل لها مثيلاً في سوى هذا البلد الذي أُبتلي بأحزاب وأشخاص لايهمهم سوى الربح والوصول إلى سدة الحكم ولو بهذه الطريقة البشعة التي يجري التعامل بها في السياسة والتجارة .. من غير المعقول أن يصل الحال بالناس إلى درجة من البؤس الجماعي ومن المعاناة الجماعية ويسقط الملايين منهم في هاوية الفقر والحاجة والمعاناة الشديدة ثم يبقي الصراع على السلطة من ضمن بل في مقدمة أولويات الأحزاب وبعض الأفراد ويستمر الجهد المبذول من قبلهم لتأزيم الأوضاع أكثر مما هي عليه ويجري الضغط على الناس في أقواتهم للقبول بالتغيير الذي تتبناه تلك الأحزاب وأولئك المشائخ وأصحاب النفوذ والذين كانوا أساس معاناة الناس في زمن ماقبل الأزمة الراهنة أو مايمكن تسميته بزمن السلم لأن هذا زمن الحرب على المواطن وهو أسوأ من الحروب العسكرية .. أي هدف يبقى للوصول إلى السلطة بعدما وصل بنا الحال إلى ماوصل إليه وقد وصل بالبعض إلى العجز عن توفير متطلبات اليوم الواحد والعجز عن شراء (وايت ) الماء الذي وصل إلى حد الجنون .. سمعت أحد الفقراء يلعن أبو السلطة والأحزاب التي أوصلت ملايين البشر إلى درجة الخوف من عدم القدرة على توفير لقمة اليوم الواحد، السلطة التي يتصارعون عليها ويسحقون ملايين البشر بهذه الطريقة الهمجية . السلطة التي يشرعون للوصول إليها بأبشع الفتاوى وأحقر الأساليب والطرق اللاإنسانية .. السلطة التي باع الناس دينهم مقابل الوصول إليها وبعرض من الدنيا قليل .. السلطة التي اسقط طموح الطامحين إليها أناس كان غالب الظن بهم أنهم علماء ومشايخ علم ، فجاء الوقت الذي كشفهم على حقيقتهم ليتحولوا إلى قُطاع طرق وسياسيين أغبياء مع مرتبة الشرف وتجار حروب يستغلون حاجات الناس ولايحسون بمعاناتهم ولا يسمعون آهاتهم التي تملأ الآفاق لو أن هناك من يسمع أو لديه الاستعداد لأن يسمع ... كنا ومازلنا ننتظر بأن يتعالى صوت أصحاب الفتاوى المستعجلة والمفُصلة بمقاييس المصلحة الحزبية والفئوية ليقولوا: بأن استغلال الناس في أقواتهم وحاجاتهم اليومية لايجوز وهو حرام ويقولون مايمليه الدين الحنيف .. ننتظر أن يمنحوا هذه القضية ولو عُشر اهتمامهم بالوصول إلى سدة الحكم ، ننتظر أن يجاهدوا من أجل التخفيف عن الناس أن تلقى هذه المأساة التي يعيشونها ماتستحق من الاهتمام ومن الجهود التي بُذلت وتُبذل في قضايا أخرى أقل أهمية ، ننتظر أن يوقع العلماء عريضة كتلك التي دلسوا بها على القاضي العمراني ولكن لمصلحة الناس ، كل الناس ، فهل يفعلون ؟