إن الغرب يعيد كتابة التاريخ الاستعماري المعاصر بمشاريع وآليات ووسائل وخطاب، استطاع أن يقنع به حتى التيارات الإسلامية والأحزاب القومية، وبعض الجماعات السلفية واليساريين في الوطن العربي، لم يقف الأمر عند الحالمين بالأدوار والزعامات المشبوهة، بل وصل الأمر إلى استدراج علماء كنا نراهم نجوماً, تحولوا فجأة إلى طواحين للفتاوى السياسية الجاهزة ودعاة للفتنة والفوضى والتدمير والقتل والتخريب، إنهم يبررون للغرب حماقته ويستدركون هفواته ونقاط ضعفه, يجملون بؤر اخفاقاته العسكرية والأخلاقية والإنسانية. الليبيون الذين حملوا السلاح وارتضوا الانقياد للتدبير والتخطيط الغربي, يحققون حلمه وينفذون مشروعه الاستعماري الجديد, أكلوا الطعم وبلعوا السم المخفي فيه، انساقوا خلف الذئب الماكر المتنكر بثياب الإنسانية وشعاراتها البراقة ,دمروا ومازالوا يدمرون وطنهم شبراً شبراً, يهدمون ليبيا الأرض والإنسان طوبة طوبة, الطائرات الغربية والأمريكية أحرقت الأخضر واليابس، الأموال العربية ساهمت بشكل مخزٍ في تدمير الأمة العربية واخضاع وإذلال الإنسان العربي. الاتحاد الافريقي الذي ولد وترعرع في ليبيا يبدو أن الغرب أقسم أنه سيقتله ويحرقه ويدفنه تحت أنقاض ليبيا وجثث وجماجم الشعب الليبي , أي خطوة للتجمع أو الاتحاد أو التعاون لاتخدم المشروع والاحتياجات الغربية والأمريكية تنسف على رؤوس أصحابها، تدفع الشعوب ثمناً باهظاً لأحلامها وتطلعاتها المشروعة. إن الإسلام ليحزن على أتباع ليس له فيهم غير اللحية والإزار، والعروبة تندب حظها في أبناء يبيعون حتى ماء وجهها وبقايا كرامتها, العقل والوعي والتفكير العربي تعطل عن العمل, لم يعد في العروبة احساس ولانخوة، جامعة الدول العربية على ضعفها وشللها تآمرت على ليبيا، طلبت من الغرب تطهير الليبيين من الكبرياء وعزة النفس. المؤسف أن التيارات الإسلامية أغرقت كل مراكبها في نهر الولاء الغربي, انساقت إلى تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد بسهولة ويسر، لمجرد أن أسال الغرب لعابها بالسلطة والمشاركة في الحكم بعد طلاق دام عقوداً ,استخدام التيارات الإسلامية في ضرب الأنطمة والشعوب العربية بالتعاون مع الأحزاب القومية واليسارية والمرتزقة، مخططات جديدة تتناسب وطموحات الحالمين بكراسي الحكم والألقاب الفضفاضة. ليبيا تدفع ثمن مواقف وأعمال هي في نظر الغرب وأدواته خط أحمر, تقع ضمن تخصصه وملكيته وحقوقه، لايجوز لأي كان التطاول إليها أو التفكير فيها ,هي مثل منابع الطاقة واسلحة التدمير الشامل. تحول التيارات الإسلامية والقومية إلى أداة غربية وعصا للتربية يسلطها على من يشاء، أمر يدعو للتفكير الجاد بالمستقبل العربي والإسلامي, الخطر يتهدد الأمة من المحيط إلى الخليج، علينا أن نوقظ العقل العربي ونعيد ترتيب أولوياته، لأن الوقت لم يعد يسعف المتخاذل، سندفع الثمن جميعاً إن لم نقم بواجبنا الإنساني والديني والاخلاقي تجاه ليبيا، سيلتهمنا الطوفان المجنون.