ينظر البعض إلى موضوع الحوار بدرجة من الاستخفاف دون أن يدرك أن الحوار هو منهج حياة ومدرسة إنسانية يتلاقى فيها المختلفون من أجل أن يصلوا إلى كلمة سواء تحقن الدماء وتصون الأعراض وتحفظ الممتلكات ، وتفوّت الفرصة على الشيطان الذي لايرى له من مهمة أكثر من دفع الناس إلى الاقتتال ، ليقف بعد ذلك ضاحكاً ساخراً من أفعال من تمكن من إيقاع الاحتراب بينهم ، ولأن ذلك البعض قد سيطرت عليه رغباته المجنونة وأوهامه الظلامية فإنه لايعطي للحوار أهمية ، ولا يقدر الآثار الإجرامية والإرهابية الناتجة عن هروبه من الحوار وعدم قبوله به . إن الحوار سلوك وأخلاق وقيم روحية وإنسانية لايعرفها إلا من كان أكثر تحكيماً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومعتصماً بحبله المتين ورافضاً للطاغوت ، ولذلك فإن المؤمن حقاً هو الذي ينقاد لما أمر الله به ومانهى عنه ، ولا يمكن أن يقبل على نفسه الخروج على أمر الله لأنه تربى على الخُلق الحميد والسلوك الإنساني الذي لايقبل بالعدوان والتخريب والتدمير والسعي في الأرض فساداً . ولذلك كله فإن دعوة رئيس الجمهورية ، حفظه الله وأعاده إلى الوطن سالماً غانماً معافى ، للحوار الوطني لم تكن إلا من هذا الباب الإيماني العظيم رغم ما أصابه من عدوان غادر وآثم استهدف حياته ورجال الدولة معه في بيت من بيوت الله سبحانه وتعالى ، لأن المؤمن بالله العظيم يستشعر المسئولية ويدرك أهمية الاعتصام بحبل الله العظيم ، من أجل حقن الدماء وصون الأعراض وحماية الممتلكات وتعزيز الوحدة الوطنية . إن المطلوب اليوم بعد كل ماحدث من دمار وتخريب وانتهاكاً هو أن يظهر صوت العقل والحكمة ومنطق الاحتكام إلى كتاب الله داخل قيادات أحزاب اللقاء المشترك وأن يستجيب ذلك الصوت لدعوة الحوار وأن يفوت ذلك الصوت العاقل على دعاة البغي والانحراف الفرصة ، وأن يأتي الجميع إلى طاولة الحوار ، وعليهم أن يدركوا بأن كل الأساليب العدوانية التي استخدموها ضد الشعب من اجل الانقلاب على الشرعية الدستورية لايمكن أن يقبل بها الشعب مطلقاً ، ولذلك فإن الحوار هو الوسيلة الأخلاقية المشروعة من أجل الوصول إلى كلمة سواء بإذن الله .