ها أنذا أكتب مقالي الأسبوعي ومن خلف قلمي ضوء بسيط يشعه ذلك الفانوس الذي جُلب إلينا من بلاد الصين وهو بلد طالما غمر أسواقنا ببضاعات شتى لعلها تلبي حالة فقرنا وتحقق لنا احتياجاتنا التي لن تلبيها مصانع الغرب لسعرها العالي. كدنا ننسى الفانوس إلا من ذكريات الأجداد أو في أماكن لم تصل إليها المدنية والتحضر وعندما ذهبت لشراء الفانوس بل فانوسين أسرتني ذكريات لأن يقبع الفانوس في غرفة متواضعة في أريافنا وليس المدينة ولكنها لم تكن أحسن حالاً فأبناؤنا في الامتحانات امتطوا ضوءه وضوء حكمة الله ولله في خلقه شئون وسائل أخرى وعقدوا العزم وامتحنوا. ولكن فانوسنا اليوم يجتر معه ذكريات مع وسائل أخرى معاصرة وكذا مع توأمه النوارة التي نافسته وكملته كما خلق الموروث الثقافي الشعبي والعالمي حكايات عن الفانوس السحري وعن المارد الذي يخرج منه ليلبي حاجة الناس ولعل ارتباط هام معاصر قدمه الفانوس فهو شعار هام للثورة الثقافية في الصين الشعبية وحزبها الحزب الشيوعي الصيني وهو من القلة للنظام الاشتراكي الباقي في اليوم والذي قدم تجربة سياسية تستحق الدراسة، فمن بلد فقير، أكبر البلدان سكاناً فقراً وأمية ومخدرات إلى بلد يتقدم اقتصاديات العالم، بل استطاع أن يدير وينظم حركته البشرية ويسخرها لهذا الاقتصاد وليس كحالة بلدنا وبلدان مماثلة ربما أقدر منا نمواً.. الشعوب الصينية تأهلت وتدربت وعملت كرافد أساسي في التنمية والصناعة والتجارة والاستثمار واعتبرت الإنسان مورداً تنموياً، كانت حنكة سياسيي الصين ببعد كبير وكان الفانوس شعاراً ووسيلة لإرسال الشباب الصينيين ومن خلال الفانوس وسيلة ليعلموا الفلاحين الصينيين في الريف ومن ثم أبناءهم ولهم تجارب تستحق أن نتعلم منها لنقضي على أمية شعبنا، لا أن ترحل الأمية من عقد لآخر. فقد كانت الأمية ضاربة جذورها في المجتمع الصيني جراء حكم الإمبراطوريات الحاكمة والاستعمار الياباني والأوربي وكانت رسالة أساس في أن تنفذ الثورة الصينية مهمتها بالقضاء على الأمية في السبعينيات من القرن الماضي إضافة لتحديد النسل لشعب كان بالإمكان أن يسيح أبناؤه تهريباً وتهجيراً وحروباً ومخدرات ودقيقاً أبيض ولكنه فضل البقاء والعمل في الوطن وأنتج وأرسل بضاعته إغراقاً وتهريباً وفرضاً اضطرارياً وقسرياً للعالم بل وأقلق سير اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التي أعجزها ذلك عن تطبيق أحكام الاتفاقيات في ظل شروط الدول الأخرى المجحفة لحماية بضائعها صعبة المنال أمام فقراء العالم. تصوروا من هذا الفانوس خرجت جحافل أبناء الصين الذين حررتهم الثورة الصينية لينعم أبناؤهم بالتعليم والعمل بل ويصنعون معظم المنتجات العالمية بأنامل صينية. هاهي الصين ثاني اقتصاديات العالم وهاهي تقدم نموذجاً فريداً في مساعدة الدول النامية وتقدم أيضاً خبراءها ومنتجاتها في الدعم المقدم للدول فهي لا تترك الحبل على الغارب كالغرب ليُنهب فأخذوا البلد المدعوم كما يشاءون بل هي حريصة على ما تأخذه من ثروة شعبها وهي بذلك تحمي تلك الدول من شر أبنائها.. لماذا؟ لأن شعبها لم ينس الفانوس الذي لم يكن سحرياً كما في التراث الشعبي “شبيك لبيك” بل كان ساحراً لعقول الناس ليتجهوا نحو التعليم والعمل. فهل يكون الفانوس اليوم لنا في اليمن ذا بعد ومغزى وهل جرب سياسيونا من حزب حاكم ومعارضة ونخب ذلك الفعل الناجع للفانوس وهل يشع لكل كلمة تُكتب بروح المحبة للوطن والتسامح؟.