كانت السوق السوداء، والتي كان أصحاب المحطات قد شاركوا في وجودها وراء هذه الكيلومترات من الطوابير، وأصحاب المحطات وجهات الأمن كان بإمكانهم - لو شاءوا – تنظيم عملية التوزيع، لكنها حرب ضروس ضد المواطن الفقير. في المحطات - البترول والديزل والغاز - موجود بما يكفي المواطن ولكنها الأطماع الدنيوية، تعمي وتصم، فلا حول ولا قوة إلا بالله، الذي يلجأ إليه عباده من الذين ينتهزون الفرص فيرفعون الأسعار بشكل مستفز وغير أخلاقي. إن المواطن اليمني يقدّر تماماً أن اليمن يمر بظروف صعبة للغاية، وهي ظروف طالت الجميع فلم ينج منها أحد، وإن من حق التجار - بمن فيهم أصحاب البترول ومشتقاته الأخرى - أن يضيفوا بعض ربح تحدده الدولة. أما أن ترتفع الأسعار إلى هذا الحد؛ فهذا يعني أن التجار – عدا قليل من الذين يحبهم الله – قد دخلوا في هذه الحرب ضد المواطن الأعزل إلا من الدعاء الذي لا يُرد تصديقاً لقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: (اتقوا دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب) الحديث أو معناه. يقال: إن أصحاب المحطات لديهم شاحنات وسيارات تحمل براميل تصطف في الطابور؛ وبعد ذلك تقوم (بشفط) المشتقات النفطية لتبيعها قرب المحطات؛ لتصطف هذه الشاحنات والسيارات من جديد!!. وبعض أصحاب المحطات يبيعون حصصهم لآخرين، ويعطّلون محطاتهم، مما يسبب الزحام، وكان على الجهات الاختصاصية إلغاء تراخيصهم على الفور، فلما تزل الدولة قائمة. الأسعار في ازدياد، ومن حق التاجر – في ظل غياب الدين والضمير - أن يرفع السلعة الغذائية عشرين ضعفاً، فمن يصدّق أن علبة حليب "النيدو" تساوي أربعة آلاف وخمسمائة ريال، من يقنع الأطفال - والرضّع على وجه الخصوص - أن آباءهم الفقراء لا يملكون هذا المبلغ؟!. يفترض في شهر رمضان أن يتقي التجار ربهم تعالى الذي توعّد المستغلين والذين لا يراعون ظروف إخوانهم الفقراء بالوعيد الشديد، ومن ضمن عقوبات المولى جل وعلا، إفقار هؤلاء، فكم من غني صار فقيراً، يعيش حياة يائسة، بائسة. لابد من استرداد هيبة الدولة، وكان على وزير التجارة أن يتخذ قرارات حاسمة؛ فالتصريحات المطمئنة لا تكفي، لأن الواقع يخالفها مطلقاً. إن المواطن يتمنى أن تعود أسعار المشتقات النفطية وأسعار الغذاء كما كانت؛ فهذا الارتفاع إنما هو فتح جبهة قتال ضد المواطن.