إن من متطلبات الانتماء إلى الوطن الحفاظ على مكتسباته والحرص على التنمية الشاملة والالتزام بالثوابت الوطنية والولاء المطلق لله ثم للوطن، وإذا كنت قد بدأت من المهم إلى الأهم، فلأن ذلك يعطي المؤشرات والدلالات الكبرى لمفهوم الانتماء، ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى غرس هذه المفاهيم والقيم الإنسانية والوطنية والدينية في أذهان الشباب بشكل تدريجي يخلق الوعي المطلق بمفهوم الانتماء إلى الوطن، ويجسد الهوية الوطنية ويخلق الشخصية الوطنية التي تجعل “حب الوطن من الإيمان” سلوكاً يتحرك على أرض الواقع. إن غرس هذه القيم الإنسانية والدينية والوطنية ليس واجباً فردياً أو مؤسسة بعينها هي المعنية بذلك، بل المجتمع والدولة بكل مؤسساتهما ملزمان بالقيام بذلك الواجب؛ لأنه فرض عين لا يمكن أن يقوم به البعض دون البعض الآخر، ولعل من تلك المؤسسات التي ينبغي أن تقدس هذا الواجب وترفع شعار” اليمن أولاً” الأحزاب والتنظيمات السياسية، وتجسد هذا الشعار على أرض الواقع قولاً وعملاً، وهنا تظهر الأهمية البالغة للتنشئة الوطنية داخل تكوينات الأحزاب والتنظيمات السياسية، فبدلاً من التعبئة الفكرية المعقدة وتنمية روح الحقد والكراهية والترويج لكراهية الآخر وعدم القبول بالتعايش معه وعدم احترام رأيه، فإن الواجب يحتم على تلك الأحزاب والتنظيمات السياسية رفض الغلو والتطرف والإرهاب وعدم السماح بتلك الأفعال المشينة والحاقدة داخل تكويناتها التنظيمية. إن الملاحظ على الأحزاب والتنظيمات السياسية في ساحة الفعل الوطني عدم الاهتمام بغرس الأفكار الوطنية في أذهان النشء، وينصب اهتمام تلك الأحزاب على التنشئة الكيدية والتعبئة الخاطئة ضد الغير من الأحزاب الأخرى، وقد ظهر هذا الاتجاه الخطير في إطار تكوينات أحزاب اللقاء المشترك وبدرجة أساسية التجمع اليمني للإصلاح، وقد قدمت الأزمة السياسية بياناً عملياً مخيفاً ناتجاً عن تلك التنشئة التي أبعدت النشء عن مفهوم الانتماء للوطن، فظهر الخراب والدمار والقتل وقطع الطرقات وانتهاك الحرمات وهتك الأعراض، ولذلك فعلى أحزاب اللقاء المشترك أن تراجع حساباتها خلال الشهر الكريم وتعترف بالخطأ وتقدم على الحوار لمعالجة المشكلات بإذن الله.