الواقع أن الأزمة السياسية بكل أبعادها قد كشفت أن القوى التقليدية المأزومة داخل تكتل أحزاب اللقاء المشترك ضد التغيير نحو الأفضل, وإن التغيير الذي تسعى إليه هذه القوى هو نحو الأسوأ من خلال محاولة العودة بالبلاد إلى عهود التخلف والجهل والظلام, وقد بات من الواضح أن هذه القوى قد استخدمت كل الوسائل غير المشروعة في سبيل العودة بالبلاد إلى عهود الكهنوت والذل. إن القوى الظلامية لا تقبل بالتحديث والتطوير؛ لأنها ترى في ذلك التحديث خطراً عليها, لأن في التحديث والتغيير تطوراً جديداً وظهور قوى وطنية مؤهلة أكثر قدرة على الإبداع، وهذا الاتجاه يؤثر على مصالحها وسطوتها وهيبتها؛ لأنها لا تستطيع أن تهيمن وتسيطر إلا في ظل الجهل أو التنشئة المنغلقة التي لا تعطي للعقل والتفكير قيمة مطلقاً. إن معرفة القوى الظلامية التقليدية لا يحتاج إلى عناء؛ لأن الأزمة السياسية قد عرّت تلك القوى وأسقطت الأقنعة التي كانت ترتديها، فقد ارتدت تلك القوى قناع الديمقراطية، وسقط ذلك القناع عندما وجهت الدعوة من رئيس الجمهورية لانتخابات مبكرة رفضت وارتدت قناع التغيير، وسقط هذا القناع عندما طرح رئيس الجمهورية في المؤتمر الوطني العام الذي انعقد مطلع العام الحالي مبادرة لم تتوقعها تلك القوى، وهي الانتقال إلى النظام النيابي واعتماد القائمة النسبية في العملية الانتخابية فرفضت كل ذلك. إن القوى الظلامية حاولت الاتكاء على الجانب القبلي مستغلة عواطف الناس وجهل البعض في المناطق النائية التي كانت تلك القوى عقبة في وصول التعليم إليها أو عرقلة العملية التعليمية، ليظل الناس في حالة الجهل ولا يرون النور إلا من خلال تلك القوى, إلا أن تلك المحاولة قد باءت بالفشل؛ لأن أبناء القبائل استطاعوا بفضل ثورة سبتمبر وأكتوبر والوحدة أن ينهلوا من المعارف، وأصبح أبناء القبائل على درجة عالية من الوعي والإدراك، فرفضوا عزائم وطلاسم قوى الجهل والتخلف والظلام داخل تكتل اللقاء المشترك، وانبرت القبائل اليمنية كافة لتقول: لا للتخريب والتدمير والإجرام والإرهاب ونعم للحوار والتداول السلمي للسلطة عبر الطرق السلمية والانتخابات الحرة المباشرة، وصمد الوطنيون الشرفاء في وجه المحاولة الانقلابية على الشرعية الدستورية، وتداعت قبائل اليمن من كل أرجاء الوطن في مؤتمرها الذي انعقد يوم أمس الأول في العاصمة صنعاء لتقول: نعم للحوار ولا للانقلاب على الشرعية الدستورية، ولتحافظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن بإذن الله.