إن محاربة التعليم والتنوير أسلوب من أساليب القوى الظلامية التي تؤمن بالأفكار المنغلقة والتي يشتم فيها رائحة الحقد والكراهية للآخر، وعدم الإيمان بالتعايش معه، لأن القوى الظلامية تدرك تمام الإدراك بأن التعليم والتنوير سيكون ثورة ضد أفكار الظلام والضلال والجهل، وهذه القوى تعتبر نفسها صاحبة الحق المطلق في التحكم في حياة الناس دون أن تعترف بحق الآخرين في المشاركة في الحياة السياسية، وتحاول من خلال التجهيل أن تتمسك بأي فكر متحجر طالماً أنه سيحفظ لها التفرد والتميز على الآخرين ويعطيها التأصيل الذي يمكنها من احتكار السلطة ويمنع الآخرين من المشاركة. إن ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر جاءت ضد الأفكار الظلامية التي كادت أن تسيطر على أقوال الناس وتجعلهم مسيرين وليسوا مخيرين كما خلقهم الله سبحانه وتعالى، ففي المحافظات الشمالية سيطرت على الناس فكرة الحق الإلهي في حكم الناس في فئة اجتماعية معينة، وكادت هذه الفكرة ان تنهي عقول الناس وتمحو أثر التنوير الذي ينطلق من الإسلام عقيدة وشريعة الذي نص على أن الناس سواسية قال تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم» صدق الله العظيم، أما المحافظات الجنوبية فقد رسخ الاستعمار البريطاني فيها فكرة فرق تسد، وظهرت فكرة السيطرة عبر السلاطين الموالين للاستعمار، وكادت فكرة التفرقة تقضي على الأخوة والتسامح والوئام داخل النسيج الاجتماعي. إن القوى الظلامية عقب الثورة اليمنية ظلت تتخفى في صفوف الثورة وتحاول زرع أفكارها الظلامية من جديد، ولكن لم تتمكن من إقناع الشعب بتلك الأفكار رغم تغليفها بالدين، ولذلك لجأت إلى استخدام القوة لتركيع الشعب وإذلاله بقوة الحديد والنار، ولم تدرك تلك القوى الظلامية بأن الشعب لم يعد خائفاً لأنه قد استعاد حقه في امتلاك السلطة، وأنه لن يقبل بالانقلاب على الشرعية الدستورية وإن الطريق الآمن للوصول إلى السلطة هو الحوار والانتخابات التي تمكن الشعب من اختيار حكامه عبر صناديق الاقتراع بإذن الله.