لم يكن الحديث عن النظم السياسية وطرح الرأي - الذي أعتقد أنه يخدم المصالح العليا لليمن - نابعاً عن هوى أو رغبة في الحصول على منفعة على الإطلاق، وإنما القناعة المطلقة بأن الواجب المقدس يفرض على كل من لديه قدر من المعرفة أن يقوم بواجب التوعية والتنوير؛ لكي لا يظل الناس نهباً لأفكار الغواية والتدليس. إن ما أثار انتباهي خلال إعدادي لتلك المواضيع أن البعض - من الذين كان لهم منطقهم قبل الأزمة - ميال إلى الخير والدعوة لإتاحة الحرية لإدراك ما لدى الآخرين، وبعد انتهاء الأزمة بالتوقيع على المبادرة الخليجية وإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وجدت منطق ذلك البعض قد انقلب رأساً على عقب؛ فلم تعد الحرية لديه شعاراً، ولم يعد النقد لديه مقبولاً، ولم يعد قول الحق مطلباً، وتحول إلى المداهنة والتدليس والرضا بالاحتكار لوسائل الحرية، بل ومحاولة الحجر على الحريات والشخصيات، الأمر الذي جعل الناس يدركون حقيقة المحاولات الانقلابية على الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والعودة باليمن إلى عصور الجهل والظلام، وظن ذلك البعض أنه قادر على خداع الجماهير، ولم يدرك بأن وعي الشعب أكبر من الوهم. إن الإخلاص في طرح قضايا الوطن يحتاج إلى نية مؤمنة بقدسية التراب اليمني، وتنطلق من ذلك التراب الواحد والموحد، وأن تكون مخيرة كما خلقها الله سبحانه وتعالى، وليست مسيرة بالدولار، ولذلك فإن الشعب اليمني المؤمن الصابر والمثابر الذي يغلب الصالح العام على الصالح الخاص يدرك تماماً من الذي يقول ويعمل من أجله ومن الذي يبتاع ويشتري من أجل مصالحه النفعية الضيقة. إن إدراك الشعب لمصالحه ومن يسعى لتحقيقها بات اليوم واضحاً بل وعلامة فارقة في الشارع اليمني، ولذلك نجد أن القوى التي تعمل من أجل تحقيق المصالح الخاصة ومسيّرة من خارج تراب اليمن لا ترغب مطلقاً في الوصول إلى الانتخابات النيابية والرئاسية المباشرة من الشعب مباشرة، وعند الاقتراب من هذا الاستحقاق نجدها تفتعل الأزمات وتختلق الأكاذيب لخلق عقبة في طريق الحوار الذي سيكون طريقنا إلى الانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية؛ لتمكين الشعب من امتلاك السلطة واختيار الأفضل الذي ينطلق من قدسية التراب اليمني، ورغم ذلك فإن اليمنيين سائرون صوب أهدافهم بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك