ليس غريباً أن نجد في الحياة المعاصرة من لايؤمنون بالتحديث والتطوير، ومازالوا في تفكيرهم وأساليب حياتهم بدائيين، بل إن البدائية التي يؤمنون بها جعلوا منها منهجاً يريدون فرضه على الآخرين بالقوة والسطوة والهيمنة التي توارثوها كابراً عن كابر حسب تفكيرهم البدائي، ولذلك فإن هؤلاء هم العقبة الكأداء التي تقف حجر عثرة في طريق التنمية والتحديث، وهم يدركون تماماً بأن التحديث أمر ضروري وحياتي وعصري ولابد منه، ولكنهم يريدونه لأنفسهم وفئتهم دون غيرهم من الناس، وكأن أمثال هؤلاء هم الذين يستحقون الحياة الحديثة.. أما عموم الناس فهم مجرد أدوات انتاج تحتكره هذه الفئة العنصرية فقط، ولم يدرك أولئك الأنانيون العنصريون بأن الشعوب لم تعد تقبل بمنهج الاستعباد والقهر والذل، وأن ثورات الشعوب ماقامت إلا ضد هذا التسلط والإدعاء الأعمى. إن الذين مازالت عقولهم متحجرة ولم تقبل بالمساواة التي فرضها الإسلام على الكافة، يمارسون الإرهاب في الفكر والعنف في الحياة والاستعباد للناس، ولم تعقل القلة القليلة بأن حرية الشعب حياة وتحديث ونماء وازدهار وتنمية سياسية واجتماعية وتعليمية وفكرية، ولم يدركوا بأن الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر قد حررت الفرد من عبودية التسلط والوصاية والإدعاء والمناطقية والقروية، وجعلته قادراً على التمييز بين الغث والسمين، والخير العام والشر العام وفتحت المجال أمامه لينهل من ينابيع الحرية في ظل الاسلام عقيدة وشريعة. إن الذين مازالوا بعقلية الماضي هم الذين يحاربون التعليم والتنمية الشاملة، لأنهم رأوا في وصولها إلى مناطقهم وقراهم قضاء على تسلطهم وطغيانهم على خلق الله، ولذلك فإن على القوى السياسية التي مازالت تسير في هذا الاتجاه الظلامي أن تعود إلى رشدها وأن تستوعب مستجدات العصر، وأن تتحرر من أسر الأفكار الظلامية وتؤمن بالمساواة بين الناس، وحق المشاركة في الحياة السياسية، ولايجوز أن تجعل من الشعارات الجوفاء ستاراً على ما تخفيه من النظرة الدونية للآخرين، وعليها العودة إلى الشعب لأنه مصدر القوة والسلطة، ولايمكن أن ينفعها الاستقواء بالآخرين ضد الوطن، ولها عندما تعتذر عن الأفعال المشينة في حق الوطن أن تخوض مع الشعب الانتخابات بروح وطنية مسئولة، وتنظر لمستقبل الأجيال، لأن اليمن أبقى من كل شيء مهما كان، فهل ستدرك تلك القوى هذه المعاني الإنسانية التي جاء بها الاسلام الحنيف؟ نأمل ذلك بإذن الله.