إذا كانت الأخلاق شرطاً لصلاح المجتمع فإن السياسي ينبغي أن يكون أكثر تمسكاً بالمبادىء والمُثل الأخلاقية، ولا يجوز أن تكون الانتهازية والنفعية هي التي يؤمن بها السياسي، على اعتبار أن السياسي المحترف عالم في مجال السياسة، ومادام كذلك فإن النفعية الذاتية لديه أضعف ما يمكن وآخر ما يمكن التفكير فيه، ولذلك عند دراستنا للمفكرين السياسيين سنجد أن أفكارهم لا تنصبّ على ذواتهم وحاجياتهم الخاصة بقدر ما تصب في اتجاه الصالح العالم. ولم نجد مفكراً واحداً في تاريخ الفكر السياسي قديماً وحديثاً كان همه الشخصي يغلب على همه الكلي للناس كافة، وكذلك الأحزاب والتنظيمات السياسية لا تفكر في ذوات الأفراد القائمين عليها بقدر ما تفكر في مستقبل الأمة، وتغليب مصالح الأمة على مصالح الأفراد، وتناضل من أجل تحقيق الخير العام للناس كافة، وهو ما عرفناه عن الأحزاب والتنظيمات في كل أنحاء العالم، ولم نجد أياً من الأحزاب كانت نظرته قاصرة وتستبعد الوطن بكل مكوناته. إن التفكير في المصالح العامة للناس كافة دليل على وعي الأحزاب والتنظيمات السياسية وجدية القائمين عليها، واستعدادهم للتضحية بمصالحهم الخاصة مقابل تحقيق الخير العام للكافة دون تمييز أو عنصرية، والسبب في ذلك أن هذه الأحزاب نشأت على أساس وطني بدرجة أساسية. ولئن كانت الصورة مثالية تجاه أحزاب العالم فإن المشهد لا يخلو من وجود بعض الأحزاب العدوانية التي لا تقبل التعايش مع الغير وتعتمد على العنصرية وتفضل تحقيق المصالح الفئوية والقروية والمناطقية؛ لأنها لا تؤمن بالوطن كله ولا تؤمن إلا بالقرية أو المنطقة، وهناك أحزاب عقائدية لا تؤمن إلا بمن يؤمن بأفكارها المتخلفة القائمة على العنصرية وإنكار المساواة بين الناس. ولذلك فإن الأحزاب التي تقوم على هذا الأساس تصاب بالوهن والفشل وتكون منبوذة ومكروهة من قبل السواد الأعظم من الشعب، وبناءً عليه فأين موقع أحزابنا في اليمن من هذا كله، والإجابة على ذلك ينبغي النظر إلى تصرفات تلك الأحزاب على أرض الواقع التي نأمل أن تكون ذات نظرة شاملة للوطن بشكل عام.