إن الذين لا يفكرون في المصلحة الكلية للشعب بقدر ما يفكرون في مصالحهم الشخصية الضيقة لا يمكن أن يكون لهم قبول في أوساط الناس، وأن النظرة الجماهيرية إليهم تتصف بالحذر وعدم الرضا، إيماناً من الجماهير أن أمثال هؤلاء لا يمكن الركون عليهم في الحفاظ على المصالح العليا للوطن، أو تحقيق المنافع الكلية للشعب، لأن الأنانية وحبَّ الذات والجرأة على الاستحواذ والطغيان واحتقار السواد الأعظم من الشعب، لم تعد أعمالاً خفية يجهلها الشعب، بل صارت واضحة للعيان، ولا يمكن إنكارها أو السكوت عنها، ورغم إدراك أولئك النفر الذين يستفزون الشعب بأنانيتهم وعدم اعترافهم بالآخرين، بموقف الجماهير ضدهم، إلا أنهم يمارسون الزيف والكذب، ظناً منهم بأن زيفهم ينفذ إلى الشعب، ولم يدركوا بعد أن الشعب يدرك أن أفعالهم لا تتفق مع أقوالهم، وأن سيطرة الأنا الحاقدة واضحة للعيان، ولذلك كله لم تعد تنطلي على الجماهير تلك الشعارات، لأن الشعب قد عرف طريقه، ولن يضع ثقته إلا في من يرى فيه خارطة الجمهورية اليمنية، وترتسم في ملامحه وممارسته كل مكونات الوطن دون استثناء. إن الذين يصرون على التفكير في مصالحهم وحدهم، سيظلون في خانة الشك وعدم الثقة الجماهيرية، ولن يتحرروا من أسر أفكارهم الأنانية إلا بالفعل الوطني المنحاز إلى الحفاظ على المصالح العامة، والحرص على السلم الاجتماعي، وعدم إثارة الفتنة، أو محاولة الانتقام من الشعب من خلال جره إلى الفوضى أو تحريض الغوغاء على المصالح العامة والإضرار بمصالح المواطن اليومية. إن المرحلة الراهنة في ساحة الفعل السياسي الوطني تتطلب فعلاً وقولاً وطنياً يقدس السلم الاجتماعي، ويعزز الممارسة العملية للديمقراطية، وأن أياً من القوى السياسية تحاول تسميم الحياة العامة بشعاراتها ستكون أكثر رفضاً من الشعب، لأن الجماهير باتت على قدر عال من الوعي بأفعال القوى النفعية، التي تريد التضحية بالمواطن والوطن من أجل مصالحها الأنانية والضيقة ، لذلك فإن المطلوب اليوم من كل العقلاء مراجعة الذات وتحكيم العقل والسماع لصوت الصواب وعدم الانجرار وراء عديمي الخبرة وأصحاب الطموحات غير المشروعة، لأن الوطن أمانة في أعناق الشرفاء أصحاب الحكمة والإيمان، وينبغي للأصوات المندفعة أن تدرك بأن محاولة إثارة الفتنة ستقضي على مستقبلها السياسي، نأمل الاتزان وعدم التفريط بإذن الله.