يقف الكثيرون من الذين انخرطوا في مسلك العمل الحزبي في المواقف الممنوعة تماماً، ظناً منهم أن ذلك الموقف قابل للتبرير، وأن الشعب سيعذر موقفهم الخطأ. ولأن البعض قد استمرأ ذلك الموقف البيّن خطأه وجرمه في حق الوطن، تقدم خطوة أخرى أكثر خطأً وأعظم جرماً، تحت عنوان الشعب سيعذر كل ذلك، فعمل ضد الوطن وأعلن اصطفافه إلى جانب دعاة الفتنة، ثم التمرد ثم التخريب ثم القتل، وهو في كل مرة يبرر لنفسه ارتكاب الأخطاء الجسيمة، ويعتقد أن تبريره ذلك حجة أمام الشعب، دون ان يدرك أن مثل تلك الأفعال لا تغتفر ولا مجال لقبول الأعذار فيها، لأنها مست سيادة الدستور والقانون وتمردت على الإرادة الكلية للشعب، وغلّبت المصالح النفعية الضيقة على المصالح العليا للوطن، وجلبت الخراب والدمار للوطن والمواطن، وكلفت الشعب الكثير من المنافع والفوائد، وحالت دون انتفاع الشعب من علاقاته الخارجية، ومنعت رؤوس الأموال من التدفق إلى البلاد للاستثمار وإنشاء القلاع الاقتصادية ذات المردود الكبير للبلاد والعباد، الذي يعود نفعه على الناس كافة من خلال استيعاب الأيدي العاملة، وإيجاد مورد اقتصادي جديد يعين الدولة على القيام بمسئولياتها والوفاء بالتزاماتها. إن الذين اختاروا الوقوف في دائرة المنع لا يمكن تصنيف أو تحليل مواقفهم بأنها بريئة وخالية من الحقد على الوطن على الإطلاق، أو أنها بحسن نية، لأن الفعل السياسي الذي يجلب الدمار للبلاد والعباد هو عار على صاحبه ويولد لعنة الشعب وغضبه ضد من يتعمدون أذية الوطن وجلب الويلات عليه ويحرضون الغوغاء والبسطاء من الناس الذين لا يدركون ماذا يريد أولئك الذين دفعوا بهم إلى ارتكاب الجرم المحرم شرعاً وقانوناً وعرفاً. ولذلك فمهما مارس الذين اختاروا الموقف الخطأ الكذب والزيف والخداع على عامة الناس فإن مصير كيدهم وزيفهم البوار، وسيفتضح كل ذلك الخداع والزيف ولن يرحمهم الشعب وسيكون سجلهم ملطخاً بفعل الجريمة والخيانة ضد الوطن، فهل يدرك المغرر بهم خطورة فعلهم ويعلنون التوبة والعودة إلى صف الوطن؟ نأمل ألا يستمر المغرر بهم مع من خانوا الوطن لما من شأنه إنقاذ أنفسهم والتكفير عن فعلهم بالعودة إلى جادة الصواب بإذن الله.