من المعيب جداً في الحياة السياسية أن تتحول الأحزاب السياسية إلى أداة بيد القوى التقليدية التي تغلب المصالح الخاصة على المصالح العامة وتتجاوز الإرادة الشعبية ولاتعطي لها قدراً ولا أهمية, وإنما تصر على رغبات محددة لاتشمل الإرادة الكلية للشعب, ومن المؤسف جداً أن نجد المفكرين والمثقفين في تلك الأحزاب «ساكتين وموافقين» على رغبات القوى التقليدية دون أن يبدوا رأياً علمياً في المفيد النافع لمستقبل أجيال اليمن, ففي بعض الرؤى التي قدمت من تلك الأحزاب التمسك بالنظام النيابي الذي يخدم مراكز القوى القادرة على التأثير المادي والمعنوي في العمليات الانتخابية وانتخاب رئيس الدولة حسب رأيهم من قبل السلطة التشريعية, وهذا اتجاه واضح لتعميق الهوة بين الإرادة الشعبية والنخب أو مراكز القوى ويجعل رئيس الجمهورية خاضعاً لتلك القوى المعيقة للحياة السياسية والمدمرة للتنمية المستدامة والاستمرار في مسلسل الصراعات والحاجة الدائمة إلى إجراء الانتخابات المتكررة في النظام النيابي المكلف للدولة. إن الإصرار على انتخاب رئيس الدولة من قبل السلطة التشريعية دليل قاطع على الإصرار المفضوح لدعم القوى التقليدية وتمكينها من الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعب وحرمان المكونات التي تمثل السواد الأعظم من الشعب من الحصول على حقوقها, والأكثر من ذلك أن تجريد رئيس الدولة من الصلاحيات التي تحد من تسلط وتحكم القوى التقليدية ومراكز القوى النفعية يتناقض مع النظام السياسي في الإسلام لأن الحاكم في الدولة الإسلامية يحكم ويسود ويدير شئون الدولة ويشرف ويوجه ويتابع ويحاسب, والغريب أن الذين يدعون الوصاية على الإسلام يجردون الحاكم من الصلاحيات ويمنحونها لمركز العبث والفساد الأمر الذي يتطلب التمعن والتروي والعقلانية والتبصر قبل التسرع, ومادمنا في مؤتمر الحوار الوطني ينبغي التفكير بعمق في مستقبل أجيال اليمن بكل مكوناتها المختلفة وليس التفكير في خدمة مراكز القوى فقط التي تمن على تلك الأحزاب بقوتها وتأثيرها. أجدد الدعوة للأحزاب السياسية أن تفكر في مستقبل أجيال اليمن بأمانة وموضوعية بعيداً عن العاطفة ومحاولة مجاملة القوى المؤثرة على الحياة السياسية على حساب مستقبل أجيال اليمن القادمة, والمؤمل من الكافة أن يقدموا المفيد النافع وليس تعميق الهوة لإحداث الخلافات في المستقبل, ومستقبل أجيال اليمن أمانة في أعناق الجميع وعلينا القيام بواجب الأمانة بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك